Friday, December 12, 2008

شكرا يا هدى



شكرا يا هدى لحبك



فهو معجزتي الأخيره



بعدما ولى زمان المعجزات




شكرا يا هدى لحبك



فهو علمني القراءة، والكتابه



وهو زودني بأروع مفرداتي

وهو الذي شطب النساء جميعهن .. بلحظه




واغتال أجمل الجميلات




شكرا يا هدى من الأعماق


يا من جئت من كتب العبادة والصلاة


شكرا لخصرك، كيف جاء بحجم أحلامي، وحجم تصوراتي


ولوجهك المندس كالعصفور

بين صدرى و دفاتري ومذكراتي



شكرا يا هدى لأنك تسكنين قصائدي


شكراً


لأنك تجلسين على جميع أصابعى

شكرا يا هدى لأنك تسكنين قلبى وشفتاى

شكرا يا هدى لأنك تنامين بين رموشى وعلى عيناى


شكرا
شكرا يا هدى لأنك في حياتي


شكرا لحبك

شكرا يا هدى


فهو أعطاني البشارة قبل كل المؤمنين


واختارني ملكاً


وتوجني


وعطرني بماء الياسمين



شكرا يا هدى لحبك


فهو أكرمني، وأدبني ، وعلمني علوم الأولين

واختصني، بسعادة الفردوس ، دون العالمين



شكراً

شكرا يا هدى
شكرا


لأيام التسكع


تحت أقواس الغمام وماء المطر الحزين



ولكل ساعات الضلال


وكل ساعات اليقين



شكرا يا هدى لعينيك المسافرتين وحدهما


إلى جزر البنفسج ، والحنين


شكرا يا هدى



شكرا يا هدى على كل السنين القادمات


فإنها أحلى السنين



شكرا يا هدى لحبك


فهو من أغلى وأوفى الأصدقاء

وهو الذي يبكي على صدري



إذا بكت السماء



شكرا يا هدى لحبك


فهو مروحة .. وطاووس .. ونعناع .. وماء


وغمامة وردية مرت مصادفة بخط الاستواء


وهو المفاجأة التي قد حار فيها كل الأدباء والشعراء



شكرا يا هدى لوجهك الساحر
شاغل الدنيا


شكرا يا هدى لشعرك الناعم
سارق كل غابات النخيل



شكرا يا هدى لكل دقيقه
سمحت بها عيناك في العمر البخيل


شكرا لساعات التهور، والتحدي


واقتطاف المستحيل



شكرا يا هدى على أيام حبك كلها


بخريفها، وشتائها

وبغيمها، وبصحوها



وتناقضات سمائها


شكرا على زمن البكاء


ومواسم السهر الطويل


شكراً على الحزن الجميل



شكرا يا هدى على الفرح الجميل


شكرا يا هدى

شكرا يا هدى


Wednesday, December 10, 2008

هدى


رسائلى اليك تتخطانى وتتخطاك

لأن الضوء أهم من المصباح

والقصيدة أهم من المصباح

والقبلة أهم من الشفه

رسائلى اليك أهم منى ومنك

فعن طريق حبى سيعرف الناس جمالك وجنونى

حيواتنا تكتب وتقرأ وانت وأنا نحفر ونتعب

Tuesday, October 14, 2008

كيف نشأت الأزمة المالية الراهنة؟

اما وقد بدأ اصلاح العرض الاشد للمرض المالي العالمي، بخطط الانقاذ الحكومية للقطاعات المصرفية الرئيسية، فمن المهم محاولة فهم الاسباب الاعمق للمرض بعيدا عن اعراضه.

ذلك ان الجميع يعترف الان بان هناك اخطاءاً وقعت وان ممارسات لا يجوز ان تتكرر كي لا يشهد العالم ما عانى منه في الاسابيع الاخيرة من ذعر.

وليس المقصود هنا الحديث عن الاخطاء المباشرة القريبة، المتمثلة في تقديرات غير سليمة لمخاطر الاستثمار نتيجة جشع كبار رجال المال والاعمال، ولكن محاولة تلمس جذور المشكلة في النظام المالي العالمي.

ورغم ان الحكومات الرئيسية التي بادرت بخطط انقاذ هائلة من اموال دافعي الضرائب، كامريكا وبريطانيا، تتحدث الان عن ضرورة اعادة النظر في اللوائح المنظمة لعمل القطاع المالي فلا يمكن توقع الكثير ما لم يطال اعادة النظر جذور الازمة.

ثم انه من المهم التنبيه هنا الى ان من يشيرون على تلك الحكومات هم من اقطاب المال والاعمال ـ فهنري بولسون وزير الخزانة الامريكي جاء من بنك استثماري كبير ممن عانوا في الازمة الاخيرة.

اما رئيس الحكومة البريطانية جوردون براون فجعل مستشاره الان جرينسبان، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الامريكي وهو من اشد المدافعين عن الغاء اللوائح والتنظيمات الرسمية لعمل الاسواق المالية.


ولان احد اهم جذور الازمة يتعلق بمسالة الرقابة الحكومية على الاسواق والعمليات المالية، فسيكون لهؤلاء المستشارين تاثير على القرارات السياسية التالية التي تهدف لاصلاح النظام.

الاعمال والسياسة

تعود جذور الازمة الى ابعد من دورات النمو والتباطؤ التقليدية في الاقتصادات العالمية بقطاعاتها المختلفة، وربما بدأت تتشكل ملامحها منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.

في تلك الفترة كانت العلاقة بين السياسة (ممثلة في الدول والحكومات) والاعمال (ممثلة في الاسواق والمؤسسات المالية الكبرى) قد وصلت الى مرحلة جديدة من تطورها.

فبعدما كانت الاعمال داعما للسياسة فيما قبل الحربين العالميتين، على اعتبار ان الدول والحكومات تفتح اسواقا ومصادر مواد خام لتلك الاعمال، تطورت العلاقة الى شبه ندية بين الاثنين.

ثم في المرحلة الاخيرة، ومع انطلاق العولمة وتفرد النظام الراسمالي في العالم تقريبا، اصبحت العلاقة بين السياسة والاعمال عكس البداية: اي ان السياسة تعمل على خدمة الاعمال وتوفير ما تحتاجه باعتبارها الضامن الاساسي لقدرتها على الحكم وتسيير شؤون شعوبها.

من هنا، ومع تراجع دور الدولة في الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، تمتعت الاسواق والقطاع المالي عموما بحرية فائقة في ادارة شؤونها واصبح الشعار السائد ان السوق له قوانينه وانه قادر على تصحيح نفسه بنفسه دون تدخل.

وكما خفت القدرات الرقابية على عمل الاسواق المالية ونشاطات المؤسسات المالية في الاقتصادات الرئيسية، اصبح الهدف الاساسي لكل عمليات الاصلاح في اقتصادات الدول النامية هو كف يد الدولة واطلاق يد السوق.


لكن بعض الاقتصادات الصاعدة الرئيسية لم تواصل الطريق الى منتهاه، وظلت للدولة يد في العملية الاقتصادية بشكل واضح، كما هو الحال مع الصين والهند وروسيا وغيرها. ولطالما واجهت تلك الدول انتقادات وشانطن ولندن لهذا السبب بالتحديد.

الاموال السهلة

نتيجة عولمة راس المال وفتح اسواق جديدة في العالم، مع عمليات اعادة الهيكلة الاقتصادية التي التزمت وصفات صندوق النقد الدولي في الاغلب، اصبح راس المال ومشتقاته (سندات واسهم وشهادات بمسميات عديدة) هدفا استثماريا في حد ذاته.

بمعنى انك تستثمر مالا في مضاربات وعمليات مالية لتجني ارباحا بغض النظر عن اي اصول حقيقية يستند اليها هذا المال.

من هنا، ولكي تكون الارباح خيالية ومع حيل خبراء الاستثمار بابتكار مشتقات للصناديق الخاصة وغيرها كل يوم، جاءت المغالاة غير المسبوقة في قيمة الاصول في العالم ومنها الاصول العقارية.

ونضرب هنا مثالا بسيطا، هو انه حتى نهاية القرن الماضي كانت قيمة العقارات في العالم لا تتجاوز 40 تريليون دولار ثم تضاعفت فيما بين 2000 و2007 تقريبا لتصل الى 70 تريليون دولار. وقس على ذلك بقية الاصول.

وهكذا اصبح هناك ما يعرف بالاموال السهلة، اي التي تم الحصول عليها في فترات وجيزة ودون عمل حقيقي او تطوير في اصول حقيقية. وشجعت تلك الاموال السهلة على ارتكاب المغامرات الائتمانية التر تراكمت عبر ثلاث عقود لتصل الى الازمة الراهنة.

ماذا بعد ?

بالطبع تحتاج تلك المغالاة الوهمية في قيمة الاصول الى عملية تصحيح لاعادة النظام للعمل بشكل طبيعي، لكن الغاء نصف قيمة اصول العالم كفيل بان يؤدي الى كارثة. وهذا ما اصاب الحكومات بالذعر والهلع.

كما ان شطب الاموال السهلة، التي لا تقابلها قيم حقيقية، من النظام المالي العالمي يمكن ان يضر ببقية القطاعات التقليدية في الاقتصاد ـ ناهيك عن تاثيره الرهيب على انفاق المستهلكين في الاقتصادات المتقدمة.

ولان بعض تلك الاقتصادات يشكل فيه الانفاق الاستهلاكي اكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي السنوي، فان المغارمة بهبوط شديد في ذلك الانفاق ستعني ركودا طويل الامد قد يصل الى كساد تام.

لذا جاء التدخل باموال دافعي الضرائب لانقاذ القطاع المالي، وبهدفمعلن هو اعادته للعمل وتفادي انهياره تمهيدا لعملية اصلاح طويلة المدى.

لكن ذلك التدخل الحكومي في حد ذاته انما يتعارض جذريا مع اي امكانية للاصلاح قد تقوم بها السلطات، ما لم يتم اعادة ترتيب العلاقة بين السياسة والاعمال.

كما ان الانقاذ السياسي للقطاع المالي انما اسهم بشكل غير مباشر في "ترحيل" بعض العلل الاساسية التي يعاني منها النظام الى وقت لاحق. ناهيك عن انه عطل عملية تصحيح كاملة للاسواق تتخلص فيها من الاموال السهلة الناجمة عن مغالاة غير حقيقية في قيمة الاصول.

Thursday, July 17, 2008

الهدنة مقابل السلام

واضح أن الفلسطينيين ينزلقون من الموقف الأفضل إلى الأسوأ، ثم إلى الذي يفوقه سوءا، وهكذا تتدنى وتتواضع مطالب الفلسطينيين من قرار التقسيم الذي كان سيمنحهم نصف فلسطين؛ إلى أوسلو و«الأرض مقابل السلام» في عهد أبو عمار، إلى «الهدنة مقابل الكهرباء» في عهد إسماعيل هنية وخالد مشعل. فالفلسطينيون يهبطون على سلم المطالب بدل أن يصعدوا من سقفها، وليس هذا في فلسطين وحدها، فالناظر إلى نتائج (النصر الإلهي) الممول بـ(الدولار الطاهر)، يعرف أن جنوب لبنان الذي كان محررا لم يعد بعد حرب تموز كذلك، فقد أصبح اليوم تحت إمرة القوات الدولية التي تسيطر عليه وتبقي السيادة اللبنانية منقوصة على الأرض اللبنانية.

اليوم هناك سؤالان مهمان وهما: لماذا يثق الشارع العربي بـ(المقاومة) التي قادته إلى انتصارات كاذبة وخفضت سقف مطالبه حتى بلغ الفتات؟ ولماذا تهزم جيوش الدول العربية الرسمية في حروبها، بينما تنجح هذه (المقاومة) في الاستمرار؟

إسرائيل مثلا، هزمت ثلاثة جيوش عربية في ستة أيام عام 1967، بينما لم تستطع أن تهزم حزب الله بالشكل الساحق الذي هزمت به تلك الجيوش مجتمعة. أميركا أيضا هزمت الجيش العراقي النظامي ولم تهزم المقاومة العراقية. السر يكمن، ليس كما ادعى بعض الغربيين، بأن دولنا هي «قبائل بأعلام» ((tribes with flags، وإنما يكمن في عدم قدرة دولنا على أن تكون لها أعلام تحترم ويؤمن بها كافة أطياف الشعب الواحد، فقسم كبير من الفلسطينيين اليوم يرفع علم حماس لا علم سلطتهم الوطنية، ومجموع كبير من اللبنانيين والعرب اليوم يرفعون علم حزب الله لا علم دولتهم. يؤكد هذا حقيقة مؤلمة وهي أننا، كعرب، غير قادرين على الانتماء لدولة حديثة، باستثناءات قليلة جدا، فنحن قوم لا نستطيع الانتماء إلى شيء أكبر من العشيرة، سواء أكانت هذه العشيرة تجمعها عصبية الدم أو الآيديولوجيا. وإلا كيف يفهم أن يصبح أقصى فضاء سياسي نسبح فيه هو فضاء إمارة حماس، أو جنوب لبنان، أو الأنبار أو البصرة.. حتى أن كثيرا ممن هاجروا منا إلى الغرب، رغم ما يتميز به بعضهم من علم، غير قادرين على الانتماء لدولهم المتبناة التي ذهبوا إليها بملء إرادتهم واستماتوا للحصول على جنسياتها، فهم إما جزء من أمة إسلامية كبرى أو جزء من حمولة في عشيرة أو قبيلة، هم لا يقدرون على الانضواء تحت مفاهيم الدولة الحديثة والمواطنة، فإما أن يحلقوا فوق الدولة أو يتسربوا من تحتها.. وليس خافيا على أحد أن العديد من أعضاء الحركات الإسلامية (المناضلة) في العالم العربي يحملون الجنسية الأميركية والبريطانية، فقط يستخدمون هذه الجوازات لتسهيل مهماتهم.

يحدث كل هذا أيضا لأن معظمنا لا لون لنا، يحب أن يسبح في درجات مختلفة من اللون الرمادي، لا يمكن له أن يكون أبيض أو أسود، هو رمادي فاتح، ورمادي غامق، ورمادي أغمق.. الخ. فهم مع «الحوار» ومع «المصالحة» وكل الكلام «إللي ملوش لازمة».. لا مواقف تتخذ في المعارك التي تحدث في مضارب عبس، فقط تمتشق الحناجر المناضلة عند التحدث عن الغير.

وصلنا لما نحن فيه، لأننا نكذب على أنفسنا ونبني استنتاجات على الوهم.. كذبنا على أنفسنا وقلنا لأجيال كاملة بأننا انتصرنا على بريطانيا وفرنسا وإسرائيل دفعة واحدة عام 1956. فلم نبن جيشا بعد هذا لأننا الأفضل ولأننا منتصرون.. عشنا نشوة النصر المتوهم من 1956 إلى 1967، ثم أفقنا على الهزيمة الكبرى.. إذن بذرة هزيمة 1967 زرعت فى كذبة نصر 1956. بنفس الطريقة يمكنك توقع هزيمة أخرى، لأننا زرعنا كثيرا من بذور الكذب يوم (النصر الإلهي). وعندما تواجه أحدهم بهذه الحقائق، يرد عليك بعبارة الشوارع المصرية: «إحنا إللي بهيظنا الفهايص»، وهي عبارة يطلقها الشباب اليوم بعد خراب كل شيء، ويعني بها المتحدث «أنا الذي جعلت الجميع يغيب عن الوعي». وبالفعل كما يبدو نحن قوم مغيبون عن الوعي، وإلا فكيف تدهور حالنا وانحدرت مطالبنا من التقسيم في عام 47، الذي كان سيمنحنا نصف فلسطين، إلى أوسلو و«الأرض مقابل السلام»، إلى ما نحن عليه اليوم من معادلة مخزية هي «الهدنة مقابل الكهرباء»؟!.

وفي سياق الحديث عن الكهرباء، أسرد نكتة فحواها أن رجلا نبه صديقه إلى أن امرأته تخرج من وراء ظهره مع «الواد سمير الكهربائي»، وتوقع الرجل أن يصبح صديقه ثورا هائجا وغضنفرا مكشرا عن أنيابه، لكنه فوجئ بأن الرجل ظل هادئا ومبتسما وقال له: «أنت رجل كذاب، سمير دا لا كهربائي ولا بيفهم في الكهربا».. وهذا بالطبع مقال مكتوب فقط «للي بيفهموا في الكهربا».

معركة محتملة

في العالم الغربي، تركب التاكسي لتنتقل من النقطة (ألف) إلى النقطة (باء)، تدفع ما يظهر على عداد التاكسي ثم تنزل إلى حيث تريد من دون حوار وأخذ ورد، تقرأ صحيفتك وأنت في المقعد الخلفي أو تقوم بإجراء بعض المكالمات الهاتفية فلا يزعجك السائق ولا تزعجه، هو يؤدي عملا نظير أجر وأنت تدفع الأجر، وإذا ما تعقدت الأمور فهناك قانون واضح يفصل بينكما.

أما في بلداننا، فتركب التاكسي طالبا من السائق أن يأخذك من منطقة إلى أخرى، يقول لك: «هو في الحقيقة مشوارك مش في طريقي، لكن عشان خاطرك سأغير مساري».. إذن ومن أول جملة هو يتكرم عليك بالتوصيلة وليس عملا نظير أجر، وما يتبقى لديك سوى أن تقدم له «التشكرات»، وما أن تصل إلى مكانك حتى تطلب منه أن يقول لك كم الأجرة، لأنه ببساطة لا يوجد عداد في التاكسي أو لأن العداد لا يعمل أو لأن العداد قد وضع في مكان لا يمكنك رؤيته، فينظر إليك ليقول «كلك نظر وانت شايف أسعار البنزين وارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية، والعولمة، وحوار الحضارات، والدنيا الحر إللي إحنا فيها، واحتمالية الحرب في الخليج، وأنا باجري على كوم لحم»، أي عدد كبير من الأطفال. ثم تقدر سعر المشوار وتدفع له ورقة بنكنوت، متوقعا منه أن يعطيك ما تبقى لك، ينظر إليك ثم يقول بامتعاض شكرا، أي أن هذا أقل مما هو مطلوب ومع ذلك سأقبله.. وأنت تعرف تمام المعرفة أن هذا أكثر بكثير من تسعيرة المشوار، فيغلي دمك، وفجأة يتحول حديث التعاطف والود الذي جرى بينك وبين السائق حول الغلاء والحروب وظلم الحكومات، إلى مشاجرة بينك وبينه. الفارق بين الشرق والغرب هنا، هو أن في الغرب قانونا يفصل بينك وبين السائق، أما في بلاد الشرق فالأمور كلها ضبابية، أمور لا تتحرك في مساحات الأبيض والأسود، أمور كلها رمادية لا يفصل بينك وبين خصمك فيها سوى المارة أو الضغط الاجتماعي والشعبي، أو أن تتنازل عن حقك تماما وتمشي، أو تدخل في معركة لا تعرف إن كنت ستكسبها أم لا!

أما مطاعمنا فهي قصة أخرى، إذ تدخل مطعما فيأتيك النادل المهذب ويعطيك قائمة بالأطعمة التي تتفحصها أنت وأصدقاؤك، وربما بعد مشاورات طويلة، يتفق البعض على أن طبقا ما هو يمثل الوجبة التقليدية للبلد الذي تزوره، ثم يأتي النادل فتقول له نحن نريد كذا فيجيبك ليس لدينا هذا الطلب، تقول مستغربا: ولكنه مكتوب في «المنيو» أي قائمة الأطعمة.. وتدخل مع النادل في حوار عقيم حول لماذا هو موجود في القائمة إن لم يكن موجودا في المطبخ؟. وبعد الحوار يفرض عليك النادل مجموعة ما عنده من وجبات لكي تختار منها وهي لا تمثل ربع ما هو موجود في «المنيو» أو خُمسه، ويحاول أن يقنعك بأن تأكل ما لا تحب وتجد نفسك لحظتها في احتمالية معركة. أما إذا ما كان هناك نقاش مفتوح أصلا بينك وبين أصدقائك على طاولة العشاء أو الغداء، فإن النادل لن يتردد أبدا في أن يدخل طرفا «ساخنا» في الحوار بينما هو يرص صفوف الحمص والفول من فوق الرؤوس، ويدخل بشرح طويل حول الظروف الاقتصادية والصراع العربي الإسرائيلي ومقتل الحريري وقضية مزارع شبعا، لتضرب أخماسا في أسداس محاولا أن تفهم علاقة السلطات بمزارع شبعا، إلا إذا كان الخضار يأتي من تلك المزارع! ومحاولا أن تفهم ما هي علاقة عدم وجود ما هو مكتوب في قائمة الطعام باغتيال الحريري!

ويا ليت القصة هي قصة معركة محتملة مع النادل في المطعم فقط، فالمعركة محتملة مع ضيوفك أيضا. خصوصا إذا ما تطرق الحديث إلى ما يمكن تسميته بالتخندق الاجتماعي، أي إذا تخندق البعض في الخندق الناصري، أو القومي أو المناصر للحق الفلسطيني، وكأن الجالسين الآخرين على الطاولة هم وفد إسرائيلي! وقد يعلن أحد الضيوف بسذاجة أنه رافض للتطبيع، في الوقت الذي لا نعرف فيه من يمتلك الأسهم الكبرى في الشركات العابرة للقوميات، أو الشركة القابضة لسلسلة الفنادق العالمية التي يتمتع فيها صاحبنا بشرب الشيشة في أحد مقاهيها التي سبغت عليها الصبغة المحلية. نتحدث عن التفاصيل الصغيرة للتطبيع ولا نرى الفنادق والبنوك وشركات الطائرات وناقلات البضائع ومالكي ومصنعي الكمبيوترات والتقنيات.. سذاجة إذا ما أردت الحديث عنها، وجدت نفسك بلا شك في معركة محتملة.

لماذا نحن دائما بصدد تلك المعركة المحتملة؟ ظني أن «المعارك المحتملة» هي مفهوم مرتبط بالمجتمعات المهتزة التي يفتقد فيها الأشخاص الثقة بالنفس وبالمعلومة وغياب الحاكم القانوني الموثوق. فليس لدينا في عالمنا العربي حكم يفصل في الأمر إذا ما كانت المعلومة المطروحة صحيحة أم خاطئة. لدينا فكرة الغلبة، أي أن رأي الأغلبية هو الذي يسود، حتى لو كانت هذه الأغلبية مجموعة من الجهلاء، أي أن العلم «بالدراع»، أو بعلو الصوت، أو بتكرار الظهور على الشاشات والإذاعات.. ولا توجد جهة علمية متخصصة أو قانونية موثوق بنزاهتها أو اجتماعية تحترم حرية الفكر والفرد لتفصل في أي خلاف إن وقع، ولتبين الحق من الباطل، إلا في إطار الفتاوى الدينية، وحتى تلك فهي ملتبسة وكثير منها يتبع السياسة والهوى أيضا.. وهل يمكننا تجاهل أن العديد من الفتاوى الدينية صدرت بالصوت العالي، أو بفوهة البندقية، أو بـ«الدراع»؟.

Friday, July 4, 2008

على ذمة فريدم هاوس

قالت منظمة «فريدوم هاوس» الأمريكية إن «مركز مصر تراجع في مجال الحريات بسبب قمع المعارضة والصحفيين، والموافقة علي التعديلات الدستورية، التي تحول دون قدرة السلطة القضائية علي تحقيق التوازن في مواجهة تدخل السلطة التنفيذية»، منتقدة التمييز ضد الأقباط والشيعة والمرأة وصنفت المنظمة، في تقريرها السنوي حول الحريات في العالم لعام ٢٠٠٨ الصادر أمس، مصر علي أنها دولة «غير حرة»، وأعطتها درجة ٦ في مستوي الحريات السياسية، و٥ في الحريات المدنية، حيث تعتبر درجة ١عن الدولة الأكثر حرية، ودرجة ٧ عن الأقل حرية

وقال التقرير إن الرئيس حسني مبارك أعلن حالة الطوارئ عقب توليه الحكم، وإن حكومته «فشلت» في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، و«تدهورت» الأوضاع المعيشية والسياسية التي «غذت التمرد الإسلامي» في أوائل التسعينيات وقال التقرير إن الحكومة شرعت في الإصلاحات عام ٢٠٠٤، واستغني مبارك عن «الحرس القديم»، وعين حكومة جديدة من التكنوقراط، مشيراً إلي أن «منح جميع الحقائب الاقتصادية الرئيسية للمقربين من جمال مبارك نجل الرئيس، أثار مخاوف من أن تكون هذه التغييرات مجرد أعمال تحضيرية للتوريث» وقال التقرير إن «النظام الانتخابي في مصر غير ديمقراطي، وعملية انتخاب الرئيس ليست تنافسية» وأشار التقرير إلي «انتشار الفساد والرشوة في مصر»، حيث «يشكو المستثمرون من الرشوة والواسطة والعقبات البيروقراطية»، مشيراً إلي أن الواسطة «ضرورة للحصول علي أي شيء في البلاد من إيجاد فرص العمل إلي تخليص المعاملات الورقية والحصول علي مقاعد في البرلمان».وقال التقرير «إن هناك تمييزاً واضحاً ضد المسيحيين في التعيين في القطاع العام، خاصة الأجهزة الأمنية والجيش»، مشيراً إلي وجود «تمييز ضد الشيعة، ومحاولات من قبل الحكومة لاستهداف رموزها».وأضاف التقرير أن الحرية الأكاديمية محدودة في مصر، حيث «يتم تعيين رؤساء الجامعات من قبل الحكومة».وأشار التقرير إلي وجود «توتر» بين الحكومة وبدو سيناء، ووجود «تمييز ضد المرأة، رغم أن الدستور ينص علي المساواة بين الجنسين

وفي سياق متصل أرسلت المنظمة خطاباً لأحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، تطالب فيه بتحديد السبب وراء منع مندوبة المنظمة في المنطقة، وفاء بن حاج عمر، من دخول البلاد، واحتجازها أكثر من ١٨ ساعة في مطار القاهرة وقالت إحدي المسؤولات عن برنامج المنظمة الإقليمي في المنطقة، سلوي الجنتري، إنها جاءت للقاهرة بصحبة وفاء، وفوجئت بمنع الأمن لوفاء من دخول البلاد وإجبارها علي العودة إلي تونس، مشيرة إلي أنها جاءت إلي القاهرة لعقد ورشة عمل لمجموعة من الشباب كانوا قد سافروا إلي الولايات المتحدة، ضمن برنامج للتبادل الثقافي

Wednesday, July 2, 2008

حالة

الاماكن مثل البشر الذين يسكنونها. الاماكن لها روح تناديك باسمك

Thursday, June 26, 2008

at 4 am Egypt Time

استمعت اليوم لحلقة مع هيكل على قناة الجزيره الاخباريه للمبدع محمد حسنين هيكل...الكاتب الاشهر..أعترف ان مشاعرى ليست ملكى ولم تكن فى يوما فى جانب السيد محمد حسنين هيكل ولكن قسرا فأنى اكن لهذا الرجل كل الاحترام لما يستحقه ولما يحوذه من سعة أفق وحسن أدب وواسع معرفه وتاريخه اكثر من كثير...فقد عجبنى اليوم كعادته ولكن فى هذه الحلقه بالذات كانت تدور على فكره غالبه فى الحديث الا وهى ان الانتصار فى اى مضمار بين اى خصمين لا يكون الا اذا وفقط اذا أقر بهذا الانتصار الخصم المهزوم...بمعنى انه فى حالة الحروب مثلا لا يمكن ان نطلق على شعب انه انتصر الا اذا اعترف الشعب المهزوم بهزيمته...والادهى من ذلك ان يعترف ويقر بها فى سريرته بغض النظر عن ماهو معلن...فقد تنتهى اى معركه بأنتصار وهزيمه ولكن تحت الرماد بين الشعبين نارا مشتعله وقد تتحول المعركه من الساحه العسكريه الى ساحات اخرى....ولم يقطع لذة متابعتى لهذا المبدع الا حوار تقنى مع أخ عزيز كنت انا عنده اعوده فى وعكته الصحيه وكان هذا الاخ يستفسر عن بعض المفاهيم والتكنيكات التقنيه فى علوم هندسة الشبكات
...
دار فى ذهنى سؤال وضل يلح على عقلى وهوه هل ما قاله السيد هيكل لم نكن نعيه فى عقولنا ؟ بمعنى هل ما قاله السيد هيكل لم يدر فى بالنا ولم يدر فى خلدنا بشكل غير مباشر من قبل ان تذاع هذه الحلقه؟ الم نكن نؤمن بداخلنا انه حتى لو هزمنا فى معركه فلم تنتهى الحرب فى حالة العرب والمسلمين الاشهر اسرائيل وفلسطين؟ ألم يعلمونا فى حلقات التعليم فى المراحل الابتدائيه ان لا يستسلم الفرد مننا طالما هناك عرق ينبض فى اجسادنا؟
اوليست هذه من مبادىء العلوم العسكريه؟ اوليست هذه من مبادىء الاسلام وهى انه لابد ان ينتصر الحق مهما طال الزمان او قصر؟
اوليس التعصب القبلى المنتشر فى اعراقنا وحوادث الثأر خير شاهد على كلامى ان ماقاله السيد محمد حسنين هيكل كان وما يزال شىء من الفطره نعلمه وان لم نطلق عليه توصيف؟
....
اذن ما بال الامه العربيه وصلت لهذا القدر من الاستسلام للواقع؟ كيف تم تخدير مشاعرنا وتم سحب هويتنا مننا دون ان ندرى؟ يعنى احنا اتنشلنا امتى؟ اى قوة سحرية تلك ضغطت على زر التنويم المغناطيسي فافقدنا القدره على الوعى؟ والادهى من ذلك ان أمتنا العربيه مستمرئه هذا الحال...يعنى احنا مبسوطين كده..مالك انت بقى ومالنا يا قاضى؟
...
من نفس هذا المنطق الذى كشفه السيد محمد حسنين هيكل أقول حتى لو وصلنا لهذا الحال من الممكن ان نعود فننهض وننفض عن اكتافنا تراب التأخر ونعيد ترتيب البيت من الداخل ولكن انا لا أرى اى من النار تحت الرماد..فقط انا لا أرى الا الرماد...والأجيال القادمه لا أرى فيها وميض الهمه فى عيونهم
ليتنى أبله ومخطىء ولكن ألادهى ان هذا ليس رأى لوحدى فيكفى نظره سريعه على ارقام أى مجال من مجالات القياس لتطور الشعوب لنعرف اننا فى أخر قطار التطور...ما بعد السبنسه كمان...وعلى الرغم من اننا من أغنى دول العالم فى الموارد الطبيعيه والبشريه الا اننا نستلذ بالقبوع فى القاع
لست هنا فى مجال تأكيد هذا الكلام ويكفى عدد البحوث والباحثين الذين اثبتوا هذا الكلام ولكن انا هنا لأقول ما انا أراه
لأسجل لنفسى هذا الرأى لنفسى
....
ما قاله السيد محمد حسنين هيكل لم يزدنا الا عوارنا....ركز الضوء على تبلد مشاعرنا...كم من دوله ومن أمه نهضت بعد كبوتها وكانت علامات النهوض ظاهره ولكن لم تظهر على اى بقعه من بقاع بلادنا اى بصيص أمل
....
هذه ما ثبت فى يقينى عندما سمعت حلقة السيد محمد حسنين هيكل ولست هنا لأعطى روشتة الاصلاح فأنا لست على قدر هذا الامر ولكن ما يضحكنى ويبكينى فى آن واحد ان أولى المبادرات لتحقيق هذه الروشته يملاؤن الدنيا ضجيجا فى الفاضى والمليان انهم اقتربوا من العلاج مع ان حال جسد الامه فى احتضار دائم ومن سىء الى اسوأ
نسأل الله العفو والعافيه
اللهم أرحمنا من القوم السافهين وأرفع عنا البلاء يا أرحم الراحمين
اللهم عاملنا برحمتك لا بعدلك

Wednesday, June 25, 2008

الدخول الى البحر

حدثت تجربة الحب أخيرا

ودخلنا جنة الله ، ككل الداخلين

وإنزلقنا

تحت سطح الماء أسماكا

رأينا لؤلؤ البحر الحقيقي

وكنا ذاهلين

حدثت تجربة الحب أخيرا

حدثت من غير إرهاب ولا قسر

فأعطيت ... وأعطيت

وكنا عادلين

حدثت في منتهي اليسر

كما يكتب المرء بماء الياسمين

وكما ينفجر النبع من الأرض

فشكرا لك يا سيدتي

ولرب العالمين

Tuesday, June 10, 2008

العراق : جائزة العرب الكبرى

لو كانت هناك جائزة استراتيجية كبرى للعرب في هذا الوضع الإقليمي المضطرب، فهي العراق، لا لبنان ولا حتى فلسطين. زيارة وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد إلى بغداد الأسبوع الماضي، وقيامه بتعيين سفير لدولة الإمارات في العراق هما خطوتان في الطريق الصحيح لتفعيل الدور العربي في العراق. لكن الخطوة الإماراتية يجب ألا تبقى خطوة منفردة، بل يجب أن تكون جزءا من استراتيجية متكاملة للدول العربية، للإمساك بناصية المبادرة في عراق بدأ يفلت من أيديها. العراق يتطلب استراتيجية عربية تأخذ في الاعتبار بشكل أساسي أن الدور غير العربي في العراق قد أصبح هو المهيمن، وهنا أعني الولايات المتحدة وإيران وتركيا، على هذا النحو وعلى هذا الترتيب.

إيران غير النووية اليوم تنطلق من العراق كمنصة نفوذ وهيمنة إلى لبنان، وغزة واليمن والبحربن والكويت وكثير من دول الخليج الأخرى. فإذا كان لإيران هذا النفوذ في المنطقة من دون سلاح نووي، فكيف سيكون حجمه إذن عندما تمتلك إيران سلاحا نوويا وتدخل النادي النووي العالمي؟

تاريخيا وقبل ثورة الخميني وما تلاها من حرب إيرانية عراقية مديدة، لم تكن أميركا ولا إسرائيل على خلاف مع إيران ودورها المهيمن في منطقة الخليج. شاه إيران كشرطي للخليج كان دورا مقبولا أميركيا. وذلك القبول في الفكر السياسي الأميركي لم يكن رضى عن آيديولوجية نظام الشاه بقدر ما كان فهما لدور إيران كدولة محورية في الشرق الأوسط، وعامل أساسي في استقراره. بالطبع، بعد الثورة الإسلامية في إيران والعداء الصريح لـ(الشيطان) الأميركي الأكبر، أصبحت إيران في العين الأميركية عامل اضطراب لا استقرار في المنطقة.

فما هو الجديد اليوم في الاستراتيجية الأميركية المستقبلية تجاه الشرق الأوسط؟

كانت الولايات المتحدة ترى في مصر والسعودية ذلك التوازن السني لإيران الشيعية في ميزان القوى الإقليمي، لكن يبدو أن أميركا ومعها أوروبا اليوم، تعود إلى الوراء قليلا في قراءة تاريخ توازن هذه القوى، تحديدا إلى عهد الدولة العثمانية. حيث يرى الغرب اليوم، أن تركيا هي مركز الثقل السني. حيث يرى كثير من المفكرين الغربيين أن تنصيب تركيا اليوم وريثة للسنة في المنطقة يخدم هدفين: الهدف الأول هو إبعاد تركيا عن أوروبا بدغدغة مشاعرها فيما يخص دورها الريادي في العالم الإسلامي، وأن وجودها كجسر بين الغرب والمسلمين أهم بكثير من انضمامها للاتحاد الأوروبي. أما الهدف الثاني، فهو قدرة تركيا من حيث القوة العسكرية على التصدي للتمدد الإيراني عندما يزيد عن حده. الغرب يقرأ التاريخ جيدا، ويدرك أن الدولة العثمانية فقط هي التي استطاعت الحد من تمدد الدولة الصفوية في المنطقة. حيث قام سليمان القانوني، أشهر السلاطين العثمانيين والذي حكم للفترة (من 1520م إلى 1568م) بثلاث حملات كبرى ضد الدولة الصفوية ابتدأت من سنة 1534م وهي الحملة الأولى التي نجحت في ضم العراق إلى سيطرة الدولة العثمانية. وفي الحملة الثانية 1548م أضاف إلى سيطرة الدولة تبريز وقلعتي وان وأريوان. أما في الحملة الثالثة 1555م، فقد أجبر الشاه الإيراني طهماسب على الصلح والاعتراف بأحقية الدولة العثمانية في كل من أريوان وتبريز وشرق الأناضول. والأتراك هم من فصم العروة بين الصفويين والبرتغاليين في تقسيم العالم العربي في العقد الرابع من القرن السادس عشر. حيث واجه العثمانيون نفوذ البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي، فاستولى أويس باشا، والي اليمن، على قلعة تعز سنة 1546م، ودخلت عُمان وقطر والبحرين تحت نفوذ الدولة العثمانية، مما أدى إلى الحد من نفوذ البرتغاليين في مياه الشرق الأوسط. وفي أفريقيا، دخلت ليبيا والقسم الأعظم من تونس وإريتريا وجيبوتي والصومال، ضمن نفوذ الدولة العثمانية أيضا. دخول الأتراك اليوم على خط شمال العراق وعلى خط السلام العربي ـ الإسرائيلي، يبدو وكأنه مؤشر لإحياء هذا الدور الريادي القديم في المنطقة، وخصوصا أن الحزب ذا الميول الإسلامية الحاكم في تركيا اليوم ليس بعيدا عن المشاعر الرومانسية المتعلقة بالحنين إلى ماضي دولة الخلافة.

بغض النظر عن التصورات الغربية لأدوار دول المنطقة وتصنيفها لمن هي الدولة الأهم وذات الثقل، لا بد للدول العربية نفسها، أو على الأقل أقسام التخطيط السياسي في وزارات الخارجية العربية، أن تطرح تصورات جدية وعملية للدور العربي في العراق ولبنان والسودان وفلسطين وغيرها. وبما أننا نتحدث اليوم عن العراق، فإنه من الممكن طرح تصور لاستراتيجية الدول العربية تجاه العراق انطلاقا من محورين أساسيين، الأول سياسي والثاني ديني. المحور السياسي يجب أن يرتكز على فرضية فك الارتباط بين إيران والشيعة العرب، بمن فيهم شيعة لبنان. أما المحور الديني فهو يتطلب عملا عربيا جادا لنقل المرجعية على المستوى الديني من قم إلى النجف، ونقل ثقل الحوزات من إيران إلى العراق أو إلى جبل عامل في لبنان. من هذين المنطلقين، يمكننا تصور أدوار مختلفة للدول العربية فرادى أو مجتمعة. قد نختلف أو نتفق على حجم الدور وتوجهه، ولكن يجب ألا نختلف أبدا على ضرورة وجود دور عربي في العراق للحد من الهيمنة غير العربية على هذا البلد، ولمساندته في مفاوضاته الأمنية المعقدة الجارية مع الولايات المتحدة.

مهم جدا في أي تصور استراتيجي لعمل عربي في العراق، هو الدور السوري والنظر إليه على أنه ضلع أساسي في مثلث يجمع مصر والسعودية. وهذا يتطلب من العرب المعتدلين أن يتجاوزوا الأزمة مع سورية، ويعملوا بشكل أساسي لنقل سورية من المربع الإيراني إلى المربع العربي. فالنفوذ الإيراني الإقليمي يتمدد إلى لبنان وإلى فلسطين عبر سورية. إعادة سورية إلى المربع العربي أمر أساسي للاستقرار في العراق والمنطقة، كما هو أساسي في أي استراتيجية تطمح للحد من نفوذ إيران. وهنا لا بد من الحديث عن ما هو المقابل الذي يمكنه إرضاء دمشق؟ أو بصيغة أخرى، ما الذي يمكن أن يقدمه العرب المعتدلون لسورية كمكافأة لها على تلك النقلة؟

سقف المطالب السورية لكي تفك ارتباطها بإيران يتمثل في عودة الجولان، وهو أمر مفتوح للنقاش اليوم من خلال المفاوضات الإسرائيلية ـ السورية برعاية تركية. وبإمكان العواصم العربية الكبرى أن تلعب دورا في فتح قنوات لحوار سوري ـ أميركي في هذا الاتجاه، خصوصا أن الرئيس السوري بشار الأسد، ورغم الوساطة التركية، قد صرح بأنه لا يضمن سلاما مع إسرائيل إلا إذا كانت الولايات المتحدة راعية له. كما أن الدور السوري الأخير في التوصل إلى حل للأزمة اللبنانية في اتفاق الدوحة، هو مؤشر على مرونة بدأ السوريون يبدونها لا بد أن تؤخذ في الاعتبار. وفي المقابل، على دمشق أن تكون أكثر مرونة أيضا مع العواصم العربية الكبرى، فهي في النهاية قادرة على تقديم الدعم المالي والسياسي الذي يجعل سورية في وضع تفاوضي أفضل مع إسرائيل. إذا ما حصلت الولايات المتحدة من دول جوار العراق، على تطمينات أساسية فيما يخص مصلحة الإدارة الأميركية الحالية الملحة في الملف العراقي، فلن يكون لديها تردد في الضغط على إسرائيل في ملف السلام. إذن المعادلة الأميركية، كما ذكرت في مقال سابق، هي ليست «الأرض مقابل السلام»، بل هي «السلام مقابل استقرار العراق».

الدور العربي الإيجابي في العراق، بكل تأكيد، يخدم القضايا العربية الكبرى ويحفز واشنطن للضغط على إسرائيل لتعميق الحوار ليس فقط حول الجولان السوري، وإنما حول فلسطين وقضايا أخرى عالقة. لو كنت ممن يصنعون القرار السياسي ويرتبون الأولويات في السياسة العربية، لوضعت العراق والسودان أولا قبل فلسطين ولبنان

Monday, June 9, 2008

One Package

من يقرأ اتفاق الدوحة بين المتخاصمين اللبنانيين من منظور لبنان مخطئ، زاوية النظر الصحيحة هي العراق وليس لبنان. بداية، اتفاق الدوحة بين المتخاصمين اللبنانيين هو خبطة دبلوماسية بكل المقاييس. لكن القصة ليست في الدوحة، كما أنها ليست في لبنان. القصة هي قصة معركتين، وقصة معسكرين، وقصة دولتين، وقصة مسرحين للعمليات. فبينما كانت دول الاعتدال في المنطقة تظن بأن لبنان هو المسرح الأساسي للفعل الدبلوماسي، كانت الولايات المتحدة وإيران وتركيا، عينها على ملعب آخر وهو العراق، باعتباره المسرح الحقيقي للعمل الدبلوماسي، إنه مربط الفرس وهو الملعب الاستراتيجي الكبير المليء بالجوائز الاستراتيجية، لذا كانت كل خطوات هذه الدول الثلاث ومساعيها حول هذا الملعب لا لبنان كما تصور العرب. فبينما كانت الدبلوماسية العربية، ممثلة بالجامعة العربية وأمينها العام عمرو موسى، مشغولة بما يحدث في الملعب اللبناني، كانت اللعبة الأميركية ـ الإيرانية ـ التركية الدبلوماسية، قد أوشكت على نهايتها في الملعب العراقي.

ففي حين كان العرب ينتظرون من الرئيس الأميركي جورج بوش إعلان قيام الدولة الفلسطينية، في خطابه في شرم الشيخ لدى زيارته مصر أخيرا، كانت الولايات المتحدة وإيران وتركيا (جماعة الملعب الآخر) تعمل على إنهاء حلم قيام دولة كردية. الدولة الكردية هي التهديد المشترك لكل من إيران وتركيا وسورية. هذه الدول يجمعها هاجس التهديد الكردي، وبلا شك حلم قيام الدولة الفلسطينية ليس قضية الأتراك والإيرانيين، وإنما قضيتهم عدم قيام الدولة الكردية. فحزب العمال الكردستاني، كما يعلم الجميع، هو شوكة قوية في خاصرة الدولة التركية الحديثة. حزب معروف براديكاليته ونشاطه في شمال العراق وجنوب تركيا، مما أجبر القوات التركية على دخول الأراضي العراقية أكثر من مرة لمطاردة المتمردين الأكراد من الحزب ذاته. ويصل عدد الأكراد في تركيا إلى أكثر من عشرين مليون نسمة، أي أكثر من أربعين في المائة من عدد السكان. أما أكراد إيران فيصل عددهم الى ستة ملايين كردي، يتمركزون في أربع محافظات في شمال غربي إيران. وقد مثلوا تهديدا حقيقيا للدولة الإيرانية في عهد الشاه وما قبله، وحتى بعد قيام الجمهورية الإسلامية، رغم تأييد الأكراد الأولي لها. التهديد الكردي المشترك لكل من إيران وتركيا هو ما دفع بالإيرانيين والأتراك إلى توقيع اتفاق خلال زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران.. اتفاق يقضي بالتعاون بين البلدين لمواجهة المقاتلين الأكراد والحيلولة دون قيام «كيان» كردي مستقل شمال العراق قد يؤدي إلى تعزيز الحركة الانفصالية للأكراد، وتشكيل دولة كردية في المنطقة. وفي سورية، قد تكون المشكلة الكردية أقل حضورا منها في تركيا وإيران، ولكنها قائمة ولعل أحداث الشغب في القامشلي شمال شرقي سورية في الأعوام الماضية دليل على وجودها، حيث يصل عدد الأكراد في سورية إلى ما يقارب المليوني نسمة، ينتشرون في معظم المدن والمناطق السورية ويتركزون بكثافة لافتة في معظم مدن محافظة الحسكة وقراها. وتاريخيا، كان أكراد سورية يتأثرون بالأنشطة الكردية في دول الجوار، سواء عندما تطوع أكراد سورية في صفوف البيشمركة في شمال العراق، أو عندما أذكى الوجود شبه العلني لحزب العمال الكردستاني في الساحة السورية الروح القومية الكردية، مجندا غالبية الشباب والفتية الأكراد للقتال في جبال كردستان.

النقطة الأساسية هنا هو أن الملعب الاستراتيجي الأكبر الذي استثمرت فيه الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية، كان في العراق لا في لبنان. فأميركا تريد وقف الهجوم على قواتها في العراق، ومنحها نصرا مقبولا.. هذا هو مطلب الولايات المتحدة الأساسي في المنطقة. إيران تريد نفوذا استراتيجيا في جنوب العراق، وبقاء حكومة عراقية قريبة من طهران في بغداد، وكذلك القضاء على حلم الدولة الكردية في الشمال، وهي ستفاوض للحصول على ما سبق مقابل توقفها عن التخصيب النووي، وتوقفها عن مواجهة الولايات المتحدة في العراق، وكذلك إنهاء دعمها للأحزاب الدينية العسكرية المتمثلة في «حزب الله» و«حماس» و«الإخوان»، وغيرها. تركيا تريد الشيء نفسه، ولكن مقابل نفوذ إيران في الجنوب العراقي فهي تريد نفوذا في شمال العراق. سورية إضافة لرغبتها في التخلص من حلم الدولة الكردية، فهي تريد الجولان مقابل لبنان.

كل هذه الدول تتشابك مصالحها مع الولايات المتحدة في الملعب العراقي. فالدول الثلاث (إيران، تركيا، سورية) هي الدول اللاعبة الأساسية في المشهد العراقي، وإيران وسورية لاعبان أساسيان أيضا في المشهد اللبناني. وبما أن هم الإدارة الأميركية اليوم هو نصر متواضع يحفظ ماء وجهها في العراق، فقد أدركت أن هذه هي الدول التي يجب أن تتوجه إليها وتتفاوض معها، رغم كل الخلاف والنفور المتبادل، وبذا يكون اتفاق الدوحة لحل الخلاف اللبناني هو جزء من الصفقة لإرضاء اللاعبين الإيراني والسوري، لأجل مصالح أميركية في العراق لا في لبنان، ويجب ألا يغفل عن أذهاننا أن أميركا مدركة جيدا بأن «حزب الله» هو من يملك القوة العسكرية في لبنان، وقد أثبت ذلك في حدثين قريبين، حرب يوليو (تموز) 2006 مع إسرائيل، والسيطرة العسكرية لرجال «حزب الله» على بيروت في الأزمة اللبنانية الأخيرة.

ولقطر، بالطبع، اشتباك جانبي مهم جدا مع إيران في حقل الشمال، الذي يحتوي على ربع احتياطي الغاز العالمي، وهو حقل قد يسبب مشكلة خطيرة في حال العلاقات الدولية المتوترة، أشبه بمشكلة صدام مع الكويت حول حقل الرميلة النفطي، الذي أدى إلى الغزو العراقي للكويت عام 1990. وكذلك لقطر علاقات دبلوماسية مهمة مع الأميركيين، فعلى أراضيها القاعدتان الأميركيتان العسكريتان الأساسيتان في المنطقة.. ومن هنا أتى الدور القطري، الذي جعل من قطر الواسطة الدبلوماسية للولايات المتحدة مع دول المنطقة.

المصالح المتشابكة بين الولايات المتحدة وإيران وتركيا وسورية وقطر هي التي أدت إلى زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى سورية وطهران وجنوب لبنان. وهي التي أدت أيضا إلى دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة، التي انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة. والمصالح المتشابكة هي التي أتت بالأتراك وأتت أيضا بالإسرائيليين، على مستوى وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، إلى حضور فعاليات منتدى الدوحة للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة في الدوحة، بعد زيارات قطرية تركية الى سورية، وزيارات سورية، على مستوى رأس الدولة، إلى كل من تركيا وقطر.

هذه المصالح المتشابكة هي التي طبخت صفقة سلام مشتركة، «شيلة واحدة»

One Package،

وأدت إلى تزامن اتفاق الدوحة حول لبنان، مع إعلان المفاوضات السورية الإسرائيلية، مع مفاوضات حركة «حماس» السرية مع إسرائيل. ولعل اطمئنان الإدارة الاميركية إلى قرب نجاح هذه الصفقة الدبلوماسية، التي حلت أكثر من ملف شائك، هو الذي جعل الرئيس الأميركي جورج بوش في خطابه في شرم الشيخ، متشددا مع مصر. فعندما رأت أميركا أن معسكر الاعتدال في العالم العربي ليس متساهلا ومنفتحا معها كما كانت تتمنى، قررت أن تتعامل مع المتشددين معها الأصليين المتمثلين في إيران وسورية والحركات الراديكالية.. على مبدأ، إذا كانت لديك فرصة للتعامل مع المتشدد الأصلي، فلماذا تتعامل مع التقليد؟

ما حدث ببساطة هو بينما كانت الجامعة العربية تلعب مع اللاعبين في الملعب اللبناني، كانت الولايات المتحدة والدول التي تتشابك مصالحها معها يديرون اللعبة في الملعب العراقي...

لعبة محترفة «شالت» القضايا كلها في «خبطة واحدة»..

One Package

Sunday, June 1, 2008

BAD HUMOR !!


A Lifetime Of Taking A Woman To Bed



At 8 years old, you take her to bed and tell her a story to get to sleep.

At 18, you tell her a story and take her to bed.

At 28, you don't need to tell her a story to take her to bed.

At 38, she tells you a story and takes you to bed.

At 48, she tells you a story to avoid going to bed.

At 58, you stay in bed to avoid her story.

At 68, if you take her to bed, that'll be a story!

At 78, What story?? What bed?? Who the hell are you???

Friday, May 23, 2008

متى ستعرف ؟!



متى ستعرف كم أهواك يا أملاً أبيع من أجله الدنيا ، وما فيها.
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه او تطلب الشمس في كفيك أرميها.
أنا أحبك فوق الغيم أكتبها وللعصافير والأشجار أحكيها.
أنا أحبك فوق الماء أنقشها وللعناقيد والأشجار أسقيها .
أنا أحبك حاول أن تساعدني فإنَّ من بدأ المأساة ينهيها .
وإنَّ من فتح الأبواب يغلقها وإنَّ من أشعل النيران يطفيها.
يا من يدخن في صمتٍ ويتركني في البحر أرفع مرساتي وألقيها .
ألا تراني ببحر الحب غارقة والموج يصنع آمالي ويلقيها .
كفاك تلعب دور العاشق معي وتنتقي كلمات لست تعنيها.
كم اخترعت مكاتيباً سترسلها وأسعدتني وروداً سوف تهديها.
وكم ذهبت لوعدٍ لا وجود له وكم حلمت بأثوابٍ سأشتريها .
وكم تمنيت لو للرقص تطلبني وحيرتني ذراعي أين ألقيها .
ارجع إلي فإنَّ الأرض واقفة كأنما الأرض فرَّت من ثوانيها.
ارجع فبعدك لا عقد أعلقه ولا لمست عطوري في أوانيها.
لمن صباي ؟! لمن شالي الحرير؟! لمن ضفائري منذ أعوامٍ أربيها ؟!
ارجع كما أنت ، صخراً كنت أم مطراً فما حياتي أنا إنْ لم تكن فيها .

Wednesday, May 21, 2008

القوانين النفسية لتطور الشعوب

من هو غوستاف لوبون (Gustave Le Bon)؟:
يُعدّ غوستاف لوبون (1841-1931م) واحدًا من فلاسفة الاجتماع الفرنسيين. كان –في الأصل- طبيبًا تولّى عام (1870م) رئاسة الأطباء العاملين في إحدى قطع الجيش الفرنسي بباريس.
كان لوبون مولعًا بدراسة الحضارات القديمة، وبدراسة الأسس النفسية للشعوب والأمم سعيًا إلى استخلاص القوانين التي تحكمها، وكان كاتبًا غزير الإنتاج من أشهر كتبه لدينا: حضارة العرب، والأسس النفسية للحرب.
الترجمة الحرفية لعنوان كتابه الذي أنا بصدد الحديث عنه هو: القوانين النفسية لتطور الشعوب، طُبع الكتاب عام (1894م) وترجَمَه إلى العربية أحمد فتحي زغلول باشا عام (1913م)، ثم ترجمه عادل زعيتر عام (1950م)، وقد اعتمدتُ على الترجمتين معًا في كتابة هذا المقال.
واختيار الحديث في هذا الموضوع يرجع إلى سببين:
السبب الأول:
هو التوجّع والتفجّع لحال الأمة الإسلامية والشعوب الإسلامية التي لا تخفى على أحد، ومقابل ذلك حال الدول الكبرى وما تفعله بالشعوب الصغرى، والتأمل في حال الأمم التي صَعِدتْ (مثل اليابان، والأخرى الآخذة في الصعود، مثل الصين، والهند، وكوريا...).
والسبب الثاني:
هو التساؤل: هل هناك -حقًا- قوانين تحكم قيام الحضارات وانهيارها؟ وما هذه القوانين؟ وأين الشعوب المسلمة من الأخذ بها؟ وهل أمم الغرب آيلة للسقوط؟ ومتى ستسقط؟ ومن وريثها؟
إن الموضوع -في رأيي- على جانب كبير من الأهمية، وفي دائرة اطلاعي المحدود لم أجد كثيرين كتبوا عنه، بينما سُوّدت وجوه الصحف بالحديث في أمور تافهة، فيها ضياع للعمر والجهد والمال!!
وسأقتصر في هذا المقال على عرض: أهم الأفكار التي وردت في الكتاب، وهي:
أولاً: لكل أمة (أو عرقٍ) صفات نفسية ثابتة ثبات صفاته الجسمية تقريبًا، وكما أن الصفات الجسمية (أو التشريحية الجثمانية) تتغير ببطءٍ شديد، كذلك الصفات النفسية لا تتغير إلاّ على طول السنين ومر الأجيال.
ثانيًا: يتكون مزاج الأمة من صفات نفسية أساسية موروثة، ومن صفات ثانوية تنشأ من تغير البيئة، وتتجدد على الدوام؛ فيخيّل -لذلك- أن الأمة في تحوّل مستمر كبير.
ثالثًا: مزاج الأمة العقليّ والنفسي لا يتكون من خلاصة أفرادها الأحياء وحدهم، بل من أمزجة أجدادهم أيضًا، فالأموات -لا الأحياء- هم الذين يمثلون أهم دور في كيان الأمة؛ لأنهم أوجدوا أدبها، وعوامل سيرها اللاشعورية.
رابعًا: تمتاز الأمم بعضها عن بعض بفروقٍ تشريحية كما امتازت بفروق نفسية. والأولى ملازمة للثانية. والفرق ضعيف بين أفراد (المستوى الوسط) في أمةٍ وأمثالهم في أمة أخرى، لكنه عظيم جدًا بين أفراد الطبقات الراقية، ومن هذه المقارنة يتبين أن الذي يميز الأمم الراقية (أو العروق العليا) عن الأمم الدنيا هو احتواء الأولى على عدد غير قليل من ذوي العقول الكبيرة بخلاف الثانية.
خامسًا: يتساوى أفراد الأمم المتخلّفة (أو أفراد العروق الدنيا) فيما بينهم مساواةً واضحة، وكلّما ارتقت الأمة في سلّم الحضارة ازدادت الفروق بين أفردها. فأثر الحضارة الذي لا بدّ منه هو إيجاد الفروق بين الأمم وبين الأفراد، وعليه فإن الأمم تسير نحو التفاوت الزائد لا نحو المساواة.
سادسًا: حياة الأمة ومظاهر حضارتها مرآةٌ لروحها وصدى لها، ومظاهر الحضارة وحوادثها الخارجية دلائل منظورة على أمر موجود لكنه غير منظور.
سابعًا: الشأن الأول في حياة الأمم لأخلاقها، وليس لنظمها السياسية، ولا للأحوال الخارجية، ولا للمصادفات.
ثامنًا: لا يمكن نقل عناصر حضارة أمة معينة إلى أمة أخرى من غير إحداث تغيير في هذه العناصر، لأنّ عناصر حضارة الأمة هي دلائل خارجية على مزاجها النفسي، وعقليتها، وكيفية نظرها للأمور، وتصوّرها للأحداث، والذي يمكن نقله فقط هو: الأشكال الخارجية، والصور السطحية التي لا أهمية لها.
تاسعًا: اختلاف الأمم في أمزجتها النفسية والعقلية يجعل كل واحدة منها تتصور الوجود بصورة خاصةٍ بها، وينشأ عن هذا شدة اختلافها في ثلاثة أشياء.
1- في الحس (أو الشعور).
2- والعقل (أو التمييز).
3- والعمل (أو السير).
ويقوم النزاع بينها على جميع المسائل متى احتك بعضها ببعض، وهذا التنازع هو سبب جميع الحروب المدونة في التاريخ.
عاشرًا: لا يتكون من مجموع أفراد مختلفي الأصول أو العروق شعب مستقل، له روح عامة مشتركة، إلاّ إذا كثر التزاوج والتوالد والتناسل بينهم عدة قرون، وعاشوا في بيئات متماثلة نجم عنها: مشاعر متماثلة، ومصالح مشتركة، ومعتقدات واحدة.
أحد عشر: تبلغ الأمة ذروة مجدها وأوج عظمتها عندما تحوز روحًا جامعة، قوية، عامة، متينة التركيب، وتسقط متى انحلّت هذه الروح، وأهمّ العوامل في هذا الانحلال دخول عنصر أجنبي في الأمة.
اثنا عشر: تخضع الأنواع النفسية -كالأنواع التشريحية- لعوامل الزمن، كلاهما يهرم ويموت وتحتاج الأنواع كلها في تكونها إلى زمن طويل، لكنها قد تزول في وقت قصير، فالأمم تقطع قرونًا طوالاً قبل أن يثبت لها مزاج عقليّ خاص، وقد تفقده في برهة يسيرة؛ فالشقة التي تسير فيها إلى الحضارة بعيدة، ومنحدر السقوط قصير غالبًا.
ثلاثة عشر: المبادئ -بعد الأخلاق- هي أهم عوامل بناء الحضارة وتطورها، ولكنها لا تؤثر إلاّ بعد أن تتطور على مهل حتى تصير شعورًا، وتصبح جزءًا من الأخلاق نفسها، وتخرج من دائرة البحث والنظر، ولا تزول المبادئ إلاّ بعد زمن طويل، وكل حضارة ترجع إلى عدد قليل من المبادئ التي يُجمع عليها أبناؤها.
أربعة عشر: أهم المبادئ التي تؤثر في الحضارة وتوجهها هي المبادئ الدينية، وأعظم حوادث التاريخ عن المعتقدات الدينية.
هذه -في نظري- أهم الأفكار التي وردت في الكتاب، أما أهم فصوله وأكثرها إثارة وتشويقًا ففصلان؛ أحدهما بعنوان: شأن عظماء الرجال في تاريخ الأمم، والآخر بعنوان: كيف تذبل الحضارات ثم تموت؟ ولنلق نظرة سريعة على أهم ما جاء فيهما:

شأن عظماء الرجال في تاريخ الأمم:
1- إذا أخرجنا من كل جيل هذه الطائفة الصغيرة من عظماء الرجال سقط مستوى الأمة العقلي سقوطًا كبيرًا، فإلى هذه الطائفة يرجع الفضل في الرقي الذي وصلت إليه العلوم والفنون والصناعة، وبالجملة جميع فروع الحضارة.
2- يبالغ الناس في شأن عظماء الرجال، وهؤلاء العظماء إنما يشيدون - في الحقيقة- أبنية من أحجار هندسها من سبقهم على مدى الزمان، ولا يوجد في الاكتشافات (أو الاختراعات) الكبيرة ما يجوز نسبته إلى رجل واحد؛ فهي ثمرة جهود سابقة.
3- يخيّل للناس أن عظماء السياسيين غير مرتبطين برباط مع الماضي، ولكنهم –في واقع الأمر- ليسوا أقلّ ارتباطًا به من المخترعين والمكتشفين، ولقد انبهر بعض المؤرخين بعبقريات بعض العظماء فأرادوا أن يجعلوا منهم (آلهة) يغيّرون مصائر الأمم، لكن هذا غير صحيح؛ لأن السبب الحقيقي لنجاحهم موجود قبلهم بزمن طويل، ولو ظهروا قبل عصورهم لما نجحوا في تحقيق ما حققوا. إن مثلهم كمثل المكتشفين يمثّلون ثمرات مجهودات طويلة سابقة.
4- للمخترعين والمكتشفين شأن كبير في تطوّر حضارة المستقبل، ولكن لا شأن لهم مباشرًا في تاريخ الأمة السياسي؛ لأنهم لا يملكون من الصفات النفسية والخلقية ما يمكنهم من إقامة مذهب، أو فتح مملكة، وتجرّدهم من هذه الصفات آتٍ من كونهم أهل تفكير وتدقيق، والمفكر يُعرض عن الأطماع؛ لأن الذي يستحق منها عنايته وتضحيته نادر، فلا يحفل بها. إن عظماء المكتشفين يعجلون سير المدنية، أما المتعصبون، والمتحمسون، والمتصفون بالقوة النفسية، وشدة الشهوة فهم الذين يصنعون التاريخ.
5- لا حول ولا قوة لرجل في تحريك أمة إلاّ إذا جسّد آمالها وأحلامها، وإن قوّاد البشر هم الذين يمثّلون مبادئ البشر ويعملون على نشرها، وإن شئت فقل: قائد الناس مبادئهم. ولا عبرة بما إذا كانت هذه المبادئ حقًا أم باطلاً.

موت الحضارات:
1- إن الكفاءات العقلية، والخصائص النفسية التي تتكون خلال الأزمنة الطويلة تزول في وقت قصير. فالشجاعة، وقوة الاستنباط، والصبر، والإيثار، والعزيمة، وغيرها من الصفات الخلقية، كلها بطيئة التكوين، وهي سريعة الزوال إذا لم تجد محلاً تعمل فيه.
2- إذا أمعنا النظر في أسباب سقوط جميع الأمم التي يذكرها التاريخ بلا استثناء وجدنا أقوى العوامل في انحلالها هو تغير مزاجها العقلي وصفاتها النفسية بسبب انحطاط أخلاقها، ولا أعلم أن دولة واحدة سقطت لانحطاط الذكاء في قومها.
3- إذا بلغت الأمة ذروة الحضارة والقوة فأمست في مأمن من غارة الجار ومالت إلى التمتع بنعمة السلام والمعيشة الراضية، ماتت فضائلها الحربية، وتجدد لها من الحاجات بقدر ما زاد في حضارتها، وتمكن حب الذات من النفوس، ولم يعد من همها إلاّ سرعة التمتع بالخيرات التي نالتها، فتنصرف الهمم عن الاشتغال بالمصالح العامة، وتضيع في الناس الفضائل التي كانت سببًا في عظمة الأمة، وحينئذ يُغير عليها جارها من الأمم المتبربرة أو التي هي في حكمها؛ لأنه إن كان أقل منها حضارة فلديه مثلٌ أعلى قوي جدًا، ثم يهدم حضارتها، ويقيم على أطلالها حضارة أخرى. ذلك ما جرى للرومانيين والفرس فإنهم على ما كانوا عليه من إحكام النظام شتت البربر شمل الدولة الأولى، كما شتت العرب شمل الثانية، ومن المحقق أن الذي أعوز المغلوب لم يكن هو العقل والذكاء، بل إنه لا مناسبة في ذلك بين الغالب والمغلوب؛ لأن أرقى العقول وأكبر الفطن ظهرت في روما، وهي حبلى بموجبات سقوطها، أعني في عصر الإمبراطورية الأول، ففي ذلك الزمان نبغ أهل الفنون والأدباء والعلماء، وإلى ذلك العصر ترجع جميع الأعمال التي بُني عليها مجد تلك الأمة الباذخ، ولكنها كانت قد أضاعت العامل الأساسي الذي لا يقوم الذكاء مقامه مهما بلغ، ألا وهو الخلق.
كان للرومانيين الأولين حاجات قليلة ومَثَلٌ عالٍ قويٌّ هو عظمة روما، وكان هذا الخيال مستوليًا على جميع القلوب، وكل وطني كان يفديه بالمال والنفس والعيال، فلما صارت روما قطب دائرة الدنيا وأغنى مدينة في العالم جعل الأجانب ينسلون إليها من كل حدب، فمنحتهم في آخر الأمر لقب مواطنين، وما كان لهم حظ إلاّ التمتع بزخرفها، وما كان لهم عناية بعزّها وعلوّ مكانتها. أصبحت تلك المدينة الكبرى محشرًا للخلائق من جميع الأجناس، إلاّ أنها لم تكن إذ ذاك روما، وكانت تلوح عليها في الظاهر علامات الحياة، ولكنها كانت لفظت روحها منذ عهد بعيد.
وهناك أسباب شبيهة بالتي سبقت تهدد بقاء حضارتنا الراقية، ويزاد عليها أسباب جديدة آتية من التغير الذي طرأ على الأفكار بتأثير الاكتشافات العلمية العصرية، فقد بدّل العلم بأفكارنا الأولى أفكارًا أخرى، وأفقد ما كان للمبادئ الاجتماعية الدينية من التأثير في الناس.
4- إن أهمّ الشروط التي تلزم لنهوض الأمم الماثلة إلى السقوط تعميم نظام الجندية، وجعله قاسيًا جدًا، وأن تكون الأمة على الدوام مهددة بحروب طاحنة.
وبعد: فقد أغراني الموضوع بالرجوع إلى ثلاثة كتب لها صلة به: "مقدمة ابن خلدون"، و"شروط النهضة" لمالك بن نبي، و"حتى يغيروا ما بأنفسهم" لجودت سعيد؛ فوجدت في كل واحد منها أفكارًا قيمة ذات صلة جديرة بالاستخلاص، والتأمل، والبحث، لكن يضيق هذا المقام عن الحديث عنها، وأرجو أن تشتعل جذوة الاهتمام بالسنن النفسية لتطور الأمم والشعوب بيننا، وأن نستفيد من التاريخ القريب والواقع المعيش في تصويب أو تخطئة أفكار غوستاف لوبون الذي مضى على تأليف كتابه أكثر من مئة عام

Sunday, April 27, 2008

ضيق في الأفق

المفكر ابن بيئته، وكلنا يعرف التحولات التي طرأت على لغة وانسيابية القصيدة لدى الشاعر في العصر العباسي علي بن الجهم، الذي عاش في بيئة صحراوية قاسية أثرت على ألفاظه، وعندما قدم من صحرائه ليمدح المتوكل قال له: أنت كالكلب في حفاظك للود/ وكالتيس في قراع الخطوب. أدرك المتوكل قوة شاعريته، فأسكنه في بستان قريبا من الرصافة حيث الناس والسوق والخضرة والنضرة، فقال بعدها ما اعتبر أجمل أشعار العرب غزلا: عيون المها بين الرصافة والجسر/ جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري.

إن تفسيرنا لكل شيء حولنا يكشف عن حدود أفقنا ولا يكشف عن مكنون النص، دينيا كان أو دنيويا، التفسير قصور أكثر من كونه رحابة.

تعرفت على أدب الأندلس، وأدب الغرب حديثه وقديمه. ورغم شغفي بقراءة المسرح، لم أعرف ما كان يقصده شكسبير أو أوسكار وايلد من خلال القراءة، فهمتهما فقط عندما سمعت وقرأت عن مقاعد المسرح الإنجليزي وبعد إلمام جيد باللغة. ساعتها أشفقت على الطالب العربي الذي يدرسه مدرس عربي، مسرحية أو رواية أو قصيدة إنجليزية. تعليم الطالب العربي مسرح الغرب بلغة مدرس وسيط أو تعليمه مترجما، هو أشبه بأن يستمتع طالب إنجليزي بقصيدة للمتنبي مترجمة للإنجليزية. المتنبي في الإنجليزية سيبدو بكل تأكيد شاعرا واعظا مباشرا وفجا، لن يستسيغه من عرف في القديم شعر وليم شكسبير أو وليم وردثورث أو تي إس اليوت أو شعر العبقري الآيرلندي وليم بتلر ييتس. من لم تكن لديه المفاهيم والمفاتيح الثقافية والذهنية لا يمكنه تذوق أدب حضارة أخرى، لأن الأدب في النهاية هو التعبير الأرقى عن أي حضارة.

الموضوع لا يخص الأدب فقط، وإنما يخص السياسة كعلم، ويخص الدين كعلم، والتاريخ كعلم أيضا. إن ما تعلمه المدارس والجامعات في عالمنا العربي لا يرقى إلى أن يسمى علما. حتى أن هناك الكثيرين ممن ينظر إليهم في هذا العالم على أنهم مثقفون لأنهم قرأوا مقدمات معرفية بعينها، ككتاب أو كتابين عن تاريخ الأدب أو عن تاريخ الفنون الجميلة. إن مثل هذه المعرفة والقدرة على الرسم والإلمام بالحقب التاريخية أو المعرفة ببعض كلاسيكيات الآداب والاقتصاد والسياسة، هي معرفة يحصل عليها طالب عادي تخرج من أي كلية في أميركا أو فرنسا أو بريطانيا، من المدارس التي تسمى ليبرال آرتس

(liberal arts schools)

. هذه ليست معرفة، بل هي ثقافة عامة يتحدث بلسانها كل من تخرج من أي كلية محترمة في الغرب.

للأسف، لدينا في العالم العربي ثقافة ضحلة عن العالم من حولنا. وتلك ليست مشكلة إذ يمكن تجاوزها بمزيد من الجهد الفردي والجماعي، ولكن المشكلة هي أن من يعرفون هذا النزر اليسير من الثقافة، يظنون أنهم لا يحتاجون إلى معرفة أي شيء جديد. في عالم يظن فيه المبتدئ أنه يعرف كل شيء، يستحيل الحديث الجاد. الجهل يخلق ضوضاء بلا فائدة، أقرب إلى لعبة الأرنب الإلكتروني التي لا تتوقف عن الحركة، المسماة

بـ«الإنرجيزار بني». الجاهل لا يتوقف عن الكلام، لذا نجد أن الجهل ينتشر عندنا بسرعة أكبر من انتشار العلم، ويجد له أنصارا أضعاف ما لدى أهل العلم.

تشعر وأنت تحدث الكثيرين من العرب اليوم ألا شيء هناك لا يعرفونه، إنهم ليسوا بحاجة إلى علم جديد، وإنما يريدون من العلم الجديد أن يؤكد لهم أن ما يعرفونه أفضل بكثير مما تعرفه المجتمعات المتقدمة! يريدون من علم الغرب ما يثبت لهم أن جهلم أرقى من علم الغرب ومعارفه..

نطير بطيران الغرب، ونقود سيارات الغرب، ونتطبب نتيجة تقدم أبحاث الغرب، ونتحدث في الميكروفونات وتنقل صورنا عبر الساتلايت لنتواصل ونشتم الغرب، ويلعب صغارنا على الكمبيوترات، وتؤسس جماعاتنا الإرهابية مواقعها على الإنترنت، كل ذلك بفضل تكنولوجيا الغرب.. ينسى هذا تماما إذا ما جلسنا في زار جماعي ورحنا نتحدث عن أخلاقنا الكريمة وشهامتنا وعداء الغرب لنا والوعد الذي نؤمن به بأننا سنسود العالم ذات يوم! في هكذا مجالس، إذا نطقت علما ونقدا خونوك، وإذا انخرطت معهم في تافه القول اتخذوك خليلا.

أول ما على العرب اليوم أن يتعلموه هو توسيع أفقهم. فليس هناك شيء يمكن لأمة أن تتعلمه إذا ما كان أفقها ضيقا. التفسيرات التي تخنقنا اليوم للدين والدنيا ليست نتيجة لضيق في الدين أو ضيق في الدنيا، وإنما هي ضيق في الأفق.

هل لسوريا مفاعل النووى؟

من المفهوم أن سورية تسعى إلى توازن عسكري مع إسرائيل. ولكن التسلح النووي ليس مهما في حرب بين بلدان متلاصقة مثل سورية واسرائيل. ولا أظنه يشكل هاجسا للسوريين. التسلح العسكري التقليدي هو الذي يحكم المعادلة. وهذا ما فعلته سورية في صفقة الصواريخ الباليستية الكورية.

مهما اختلفنا أو اتفقنا مع سورية، يجب ألا ننخرط في اللعبة التي تدخلنا في موضوع هل سورية عندها أو ليس عندها مفاعلات. فالمفاعل النووي، إن ثبت وجوده، هو خرق لبند في اتفاق دولي. أما أن تنتهك دولة سيادة دولة أخرى بضرب أراضيها عن طريق السلاح الجوي، كما فعلت القوة العسكرية الإسرائيلية باختراق الأجواء السورية، فهذا خرق للسلام والأمن الدوليين. علينا أن نرغم العالم على الحديث عن هذا الخرق للقانون الدولي بالمعلومات والحقائق لا بالشعارات التي لا يفهمها العالم، لا أن يلهينا الآخرون بقضية فرعية. إلا إذا قبلنا بأن مسألة الانتشار النووي أكثر خطورة على الأمن والسلم العالميين من أن تعتدي دولة على سيادة دولة أخرى

Friday, April 18, 2008

شكرا

تسألنى دائما عن سبب حبى لك
تسألنى لماذا اخترتك من بين الجميع
تريد ان تعرف لما احتضنتك عندما نبذت كل الرجال
اجبتك
فنهرتنى
وتركتنى
أول مره لا تفهم الغازى يا حبيبي
أكررها
أكرر كلامى
معك أحبك لأنك لست رجلا

لست انانى ككل الرجال
لست كاذب أو خائن مثلهم
لست رجل يبارى الرجال صولاتهم وجولاتهم فى عالم النساء
لست رجل أعمته فحولته عن أدميته
لست رجل بخل على بحبه فقطرت عليه حبى
لست رجل أثقل الصمت جدرانه حتى هجرته

ثقتك بى لا تعكس حبى قدر ما تعكس ثقتك بنفسك
تواضعك رفعك درجات فوق درجات حتى أسكنتك قلبى
أعلنتك احتياجك لى فملكتنى
حبى زادك فخرا فزدتك فوق الحب حب
سجدت فى محرابى المقدس فعبدتك
لماذا تريدنى أن أجمعك وسط الرجال؟
كم كرهت هذه الصفه
كيف تتساوى مع من لا يفهم ولا يشعر ولا يعرف؟
تهاب قوة مشاعرى
أنا البتول فى حبك
!
تخشى انكسار قلبى عند رحيلك؟
لا ياحبيبي..تذكر..أنت لست رجلا
!

Saturday, April 12, 2008

المؤمن والشيطان

كان في قديم الزمان جماعة يعبدون شجرة يجلسون تحتها ويدورون حولها. فضاق رجل مؤمن بالله بهذه الوثنية فحمل فأسه ليقطع الشجرة فخرج منها شيطان يمنعه من ذلك، ودار بينهما شجار، وأمسك المؤمن بقرن الشيطان، وانتصر عليه. وعاد إلى بيته ليستريح من المعركة ليستأنف قطعها في اليوم التالي. وفي اليوم التالي عاد إلى الشجرة فخرج الشيطان منها وقال للرجل المؤمن: ولماذا تقطعها؟ ما رأيك لو أعطيتك دينارين من الذهب كل يوم.. تجدها تحت مخدتك. ما رأيك!

ووافق الرجل المؤمن على أن يكف عن محاولة قطع الشجرة.. وفي كل صباح يمد يده تحت المخدة فيجد الدينارين وأسعده ذلك. ومضى شهر ومن بعده شهر والرجل يجد الدنانير تحت المخدة. وفي يوم مد يده فلم يجد الدينارين فذهب لقطع الشجرة ولقاء الشيطان والقضاء عليه. ووجد الشيطان وتشابكا بالأيدي. وإذا بالشيطان يوقع الرجل على الأرض ويجلس على صدره، ووعده الرجل بأن يكف عن محاولة قطع الشجرة وصرف الناس عن عبادتها..

ولما انفض الاشتباك سأل الرجل هذا الشيطان: كيف استطعت أن تتغلب علي رغم قوتي ورغم أنني طرحتك أرضاً أكثر من مرة قبل ذلك حتى كدت أقضي عليك؟ فقال الشيطان هذه الحكمة البليغة:

«لمّا غضبت لربك وقاتلت لله غلبتني، ولما غضبت لنفسك وقاتلت لنقودك غلبتك. لمّا صارعت لعقيدتك صرعتني، ولما صارعت لمنفعتك صرعتك!»

Wednesday, March 26, 2008

Closing a cycle


* One always has to know when a stage comes to an end. If we insist on staying longer than the Necessary time, we lose the Happiness and the meaning of the other stages we have to go through. Closing cycles, shutting doors, ending chapters – whatever name we give it, what matters is to leave in the past the moments of life that have finished. Did you lose your job? Has a loving relationship come to an end? Did you leave your parents’ house? Gone to live abroad? Has a long-lasting friendship ended all of a sudden? You can spend a long time wondering why this has happened. You can tell Yourself you won’t take another step until you find out Why certain things that were so important and so solid in your life have turned into dust, just like that. But such an attitude will be awfully stressing for everyone involved: your parents, your husband or wife, your friends, your children, your sister, everyone will be finishing chapters, turning over new leaves, getting on with life, and they will all feel bad seeing you at a standstill. None of us can be in the present and the past at the same time, not even when we try to understand the things that happen to us. What has passed will not return: we cannot for ever be children, late adolescents, sons that feel guilt or rancor towards our parents, lovers who day and night relive an affair with someone who has gone away and has not the least intention of coming back. Things pass, and the best we can do is to let them really go away. That is why it is so important (however painful it may be!) to destroy Souvenirs, move, give lots of things away to orphanages, sell or donate the books you have at home. Everything in this visible world is a manifestation of the invisible world, of what is going on in our hearts – and getting rid of certain memories also means making some room for other memories to take their place. Let things go. Release them. Detach yourself from them. Nobody plays this life with marked cards, so sometimes we win and sometimes we lose. Do not expect anything in return; do not expect your efforts to be appreciated, your genius to be discovered, and your love to be understood. Stop turning on your emotional television to watch the same program over and over again, the one that shows how much you suffered from a certain loss: that is only poisoning you, nothing else. Nothing is more dangerous than not accepting love relationships that are broken off, work that is promised but there is no starting date, and decisions that are always put off waiting for the “ideal moment.” Before a new chapter is begun, the old one has to be finished. Tell yourself that what has passed will never come back. Remember that there was a time when you could live without that thing or that person – nothing is irreplaceable, a habit is not a need. This may sound so obvious, it may even be difficult, but it is very important. Closing cycles. Not because of pride, incapacity or arrogance, but simply because that no longer fits your life. Shut the door, change the record, clean the house, and shake off the dust. Stop being who you were, and change into who you are.
What a Paulo Coelho's great approach and we all know that the
Paulo Coelho's success is come from he puts the lights inside us by transferring delight.

Tuesday, March 25, 2008

قمة دمشق ولغة التلميح


للعرب مبادرة للداخل تتمثل في الوصول إلى حل في لبنان، ولهم مبادرة أخرى للخارج لحل القضية الفلسطينية.

غريب أن يتوقع العرب أن مبادرتهم لحل القضية الفلسطينية، ستنجح في إقناع (الخارج) الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، رغم المتغيرات والعوامل التي تحكم هذه القضية، والتي ليست في يد العرب كلها، وهم (أي العرب) في الوقت ذاته لم ينجحوا حتى الآن في مبادرة يمسكون بكل أوراق اللعب فيها تقريبا، وهي المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية.

الجامعة العربية كانت تأمل في التوصل إلى اختيار العماد ميشيل سليمان رئيسا للبنان قبل انعقاد قمة دمشق، ولم يتحقق المأمول. فكيف للعرب إن فشلت مبادرتهم في (الداخل العربي) أن يتوقعوا نجاح مبادرتهم في (الخارج الغربي)؟ كيف لهم إذا فشلوا في إقناع قومهم وبني جلدتهم وفضائهم السياسي المحكوم بقبول مبادرة الحل في لبنان، أن ينجحوا في إقناع من يختلفون معه في الثقافة واللغة والعرق والمصالح الاستراتيجية بقبول المبادرة العربية بشأن فلسطين؟

أسباب فشل المبادرة العربية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي ربما هي ذاتها أسباب الفشل في المبادرة العربية تجاه لبنان. وأولى هذه الأسباب هي عدم القدرة على تسمية الأسماء بمسمياتها، وثانيها التوجه بالمبادرة للعنوان الغلط، وثالثها إغفال قدرة عامل الزمن على تغيير موازين القوى. لتسويق مبادرتهم تجاه الصراع العربي الإسرائيلي ذهب العرب إلى الصين وأوروبا واليابان، ولم يتوجهوا إلى إسرائيل التي هي المستهدفة من المبادرة. بعد أن تدارك العرب الخطأ في قمة الرياض بعد أربع سنوات قرروا في خجل أن يتوجهوا لإسرائيل من خلال الدول التي قامت بسلام مع إسرائيل. إسرائيل ليست مهتمة بالدول التي تقيم سلاما معها، اسرائيل تهتم بمن ليس لها سلام معهم. ولما دخلنا في العملية بعد ست سنوات من إطلاق المبادرة، غير عامل الزمن ميزان القوة، فزادت المستوطنات وسيطرت «حماس» على غزة وانقلبت الأوضاع. ما حدث مع المبادرة الأولى تجاه إسرائيل يحدث اليوم في المبادرة الثانية تجاه لبنان.

بنفس الطريقة نتحدث عن لبنان بالتلميح لا بالتصريح، غمزا ولمزا، من دون مواجهة للحقائق القوة، ومن دون مراعاة لعامل الزمن. بداية، حالة لبنان ليست فريدة في نوعها في العالم. فلو نظرنا إلى تايوان وهي الدولة الليبرالية الرأسمالية الحرة الملتصقة بنظام مغلق إلى جوارها وهو الصين. لأدركنا أنه كان بالإمكان ان يكون لبنان تايوان العرب. النظام الصيني المغلق لم يدخل في مجابهة مع تايوان، وإنما استخدمها كرئة يتنفس منها. لبنان أيضا بانفتاحه يمثل رئة لسورية، الاختلاف بين الحالتين هو التعددية الطائفية في لبنان. ليس هناك ما يمنع من أن صيغة علاقة لبنان بسورية يمكن أن تكون أشبه بعلاقة الصين بتايوان. علاقة نجح الصينيون والتايوانيون في إدارتها، رغم أن رغبة الصين في السيطرة على تايوان وادعاءاتها بأنها جزء من الصين كانت أشد وأقوى من أي ادعاءات سورية تجاه لبنان. النقطة هنا، إن وضع لبنان ليس الحالة الاستثنائية لكي يستعصي على الحل، هناك عشرات الحالات الخاصة بعلاقة دولة صغيرة بجوار أكبر، لكن الأمور تسير بشكل أكثر تنظيما وأكثر عقلانية.

لا ضير من اعتراف عربي بأن لبنان يمثل عمقا استراتيجيا لسورية، كما أنه لا ضير من اعتراف سوري بأن لبنان، العمق الاستراتيجي السوري، ليس عمقا استراتيجيا لإيران.

لا يمكن للمبادرة العربية لحل أزمة لبنان أن تؤخذ بجدية دونما قوة تقف خلفها. القرارات الخاصة بلبنان هي قرارات دولية لا عربية، والقوة الموجودة في لبنان ممثلة في اليونيفيل هي قوة دولية لا قوة عربية. رغم كل احترامنا لسيادة لبنان على ترابه الوطني، إلا أن وضعا هشا يستلزم وجود قوة عربية تساعد هذا البلد على التعافي السياسي. غياب العرب عن لبنان دعوة لغير العرب إلى التدخل في شؤونه. في غياب العرب، رأينا الوجود الإسرائيلي من خلال الاحتلال والاجتياحات الموسمية، وكذلك رأينا النفوذ الإيراني. لا يمكن أن يكون للعرب دور في لبنان من دون وجود قوة عربية على الأرض اللبنانية. كيف يتوقع من لا جنود له على الأرض أن تكون له أدوات ترهيب أو ترغيب؟ إلا إذا صدق بأن قوة الكلام على الفضائيات وفي الجلسات الدبلوماسية أقوى من القوة الفعلية.. وهذا مناف لأبسط قوانين السياسة. لبنان اليوم مؤهل أن يكون عراقا آخر بما لذلك من تبعات على المنطقة برمتها.

عندما خرجت سورية من لبنان، ظن كثير من العرب واللبنانيين أن المجتمع اللبناني تعافى سياسيا، بحيث أنه قادر على إدارة شؤونه. كل ما رأيناه منذ خروج سورية حتى اليوم مؤشرات على أن اللبنانيين غير قادرين بعد على إدارة بلدهم. هناك المقولة المكررة بأن سورية خرجت لكنها ما زالت تلعب في الوضع الداخلي اللبناني عن طريق حلفائها، وهذا أيضا يؤكد ما ذكرته سلفا بأن النظام الداخلي ما زال ضعيفا. فأولى مؤشرات النظام الوطني المتماسك، أن تكون لديه مناعة ضد التدخلات الخارجية. إذن، حجة التدخل السوري لا تنفي مقولتي بل تؤكدها.

حتى الآن، وللمراقب من الخارج، يبدو سلوك العرب تجاه الأزمة في لبنان ساذجا. لا بد من الاعتراف بأن هناك دولتين تملكان الحل والعقد في لبنان وهما سورية وإسرائيل. دولتان جارتان لكل منهما القدرة والقوة والعتاد والجيش أن تحتل لبنان برمته إذا ما أرادت. هاتان هما الدولتان اللتان تستطيعان أن تحلا الأمر أو تعقداه في لبنان، ما عدا ذلك فكلها درجات تأثير تنتهي عند حدود الكلام. حتى إيران يظل دورها محدودا إن لم يمر خلال الأراضي السورية. سورية تستطيع تجميد «حزب الله»، رغم قوته، وكذلك إسرائيل تستطيع أن تحجم قدرات «حزب الله» رغم فشلها في الحرب الأخيرة. أما ما عدا الدور السوري والدور الإسرائيلي، فكلها أدوار جانبية بما فيها دور الولايات المتحدة. هذان هما الدوران اللذان على المبادرة العربية أن تأخذهما في عين الاعتبار.

إذن، ولكي يصل العرب إلى حل في لبنان لا بد من الحديث مع سورية مباشرة وبجدية، وظني أن قمة دمشق مناسبة لحديث جاد وصريح. للدولتين العربيتين الكبيرتين، مصر والسعودية، القدرة والأدوات في التأثير على الموقفين السوري والإسرائيلي تجاه لبنان، كما أن لديهما أيضا القدرة والأدوات على التأثير على الموقفين السوري والإسرائيلي تجاه عملية السلام. ورغم أهمية التجمع العربي في دمشق، إلا أنني ممن يفضلون قمة مصغرة تنجز شيئا ملموسا ومحددا على قمة احتفالية قد لا يسمح صخبها بحديث عملي جاد. لذا أرى أنه لا بد من قمة داخل القمة، قمة سورية مصرية سعودية.

هذه القمة المصغرة لا بد وأن تأخذ في الاعتبار بأن لبنان في طريقه لأن يصبح دولة فاشلة، إذا ما تجاهلنا عنصر الزمن، وتجاهلنا معه تغير الأوضاع على الأرض من حيث اختلال موازين القوة. ما حدث للمبادرة العربية فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي، يجب ألا يتكرر في المبادرة العربية حول الأزمة اللبنانية. لا بد من التوجه إلى العنوان الصحيح، لا بد من الحديث مع سورية بوضوح.. نسمع عن خلاف سعودي ـ سوري حول لبنان، وعن خلاف مصري ـ سوري حول لبنان، ولا نعرف طبيعة هذا الخلاف. آن أوان المصارحة، الموقف لم يعد يحتمل لغة التلمي

Friday, March 21, 2008

وجهك

وجهك.. مثل مطلع القصيدة
يسحبني..
يسحبني..
كأنني شراع
ليلاً, إلى شواطيء الإيقاع
يفتح لي, أفقاً من العقيق
ولحظة الإبداع
وجهك.. وجه مدهش
ولوحة مائية
ورحلة من أبدع الرحلات
بين الآس.. والنعناع..
*
وجهك..
هذا الدفتر المفتوح, ما أجمله
حين أراه ساعة الصباح
يحمل لي القهوة في بسمته
وحمرة التفاح...
وجهك.. يستدرجني
لآخر الشعر الذي أعرفه
وآخر الكلام..
وآخر الورد الدمشقي الذي أحبه
وآخر الحمام...
*
وجهك ياسيدتي
بحر من الرموز, والأسئلة الجديدة
فهل أعود سالماً ؟
والريح تستفزني
والموج يستفزني
والعشق يستفزني
ورحلتي بعيده..
وجهك ياسيدتي
رسالة رائعة
قد كتبت
ولم تصل, بعد, إلى السماء...


Thursday, March 13, 2008

قصة


يقول الذي يروي هذه القصة: إنني بينما كنت ألعب في المنزل دققت إصبعي بمطرقة وأحسست بألم شديد، وكان الدم ينزف منه، فأخذت أبكي، وتذكرت الاستعلامات، واتجهت إلى التلفون وطلبت الاستعلامات، وأتاني صوت نسائي عبر السماعة، فقلت لها وأنا أبكي: لقد دققت إصبعي.

فسألتني: أليست والدتك في المنزل؟!

ـ لا يوجد في المنزل سواي.

ـ هل تستطيع أن تفتح الثلاجة التي لديكم؟!، فأجبتها بالإيجاب، فقالت لي: خذ قطعة ثلج صغيرة وضعها على إصبعك، فإن هذا سوف يخفف الألم.

وبعد ذلك أصبحت كلما أردت أن أعرف شيئاً، أطلب (الاستعلامات)، وأسألها في الحساب والجغرافيا، وعندما ماتت عصفورة الكناريا التي نربيها عندنا، اتصلت بها أسألها وأنا أبكي: لماذا تكون نهاية الطيور الجميلة المغرّدة التي تجلب السعادة للناس، لماذا تكون نهايتها بهذا الشكل؟!

أجابتني قائلة: ينبغي أن تتذكر يا (بول) أن هناك عوالم أخرى تغرّد فيها.

وأتذكر أن آخر يوم أمسكت فيه السماعة وسألتها أن تعلمني كيف أتهجّى وأكتب كلمة (يثبت)، لأنني بعد أن بلغت التاسعة من العمر انتقلت مع عائلتي إلى مكان آخر.

ومرّت الأعوام وكبرت وتخرجت واشتغلت، وموظفة (الاستعلامات) تلك التي علمتني وأمتعتني وزرعت في أعماقي الثقة لم تفارق خيالي أبداً.

وفي أحد الأيام وبينما كنت مسافراً بالطائرة في مهمة عمل، نزلت الطائرة (ترانزيت) في مطار البلدة القديمة التي كنا نسكن فيها، ودفعني الشوق والفضول إلى الاتصال بالاستعلامات، وإذا بها هي التي ترد عليّ، طبعاً لم تعرفني لأنني كبرت وتغير صوتي، ولكنني ما أن سألتها عن كلمة (يثبت) حتى عرفتني، وقالت لي وهي تضحك: أعتقد أن إصبعك قد شفي الآن، فقلت لها: إنك كنت تعنين لي الشيء الكثير، فأجابتني: وأنت كذلك، فلا تتصور سعادتي من اتصالك وأسئلتك، حيث إنني لم أرزق بأطفال وتخيلت أنك ابني.

ووعدتها إن عدت للبلدة مرّة أخرى لابد وأن أكلمها وأراها، فقالت: أتمنى ذلك، وأسأل عن (سالي).

وفعلاً حضرت بعد ثلاثة أشهر، وما أن اتصلت بالاستعلامات حتى أتاني صوت مختلف، وسألتها عن سالي، فقالت: هل أنت صديق؟!، نعم صديق قديم، هل أنت (بول)؟!، نعم، يؤسفني أن أبلغك أنها ماتت قبل خمسة أسابيع، حزنت جداً وانصدمت، وقبل أن أغلق السماعة، قالت لي المرأة انتظر فقد حملتني رسالة لا بد أن أوصلها لك وهي تقول: عندما تعلميه بوفاتي، اذكري له أنه ما زالت هناك عوالم أخرى نغرّد فيها، وهو سوف يعرف ما أعنيه.

وعرفت فعلاً ما تعنيه حبيبتي التي لم أرها (سالي)

Saturday, March 8, 2008

شعر لسعاد الصباح

حـين أكـون بحـالة عشـق
أشـعر أنـي بـوزن الريشـة
انـي امشـي فـوق الغـيم
أسـرق ضـوء الشـمس
و أصـطاد الاقــمار
=======================
حـين أكـون بحـالة عــشق
أشـعر أن العـالم أضـحى وطــني
و بإمـكاني أن أجتـاز البـحر
و أعـبر آلاف الأنـهار
و بإمـكاني
أن أتنــقل دون جــواز
كالكــلمات و كالأفـكار

============================
حيــن تكـون حــبيبي
يذهـب خـوفي
يذهـب ضـعفي
أشـعر أنـي بـين نسـاء الارض الأقـوى
=====================

Friday, March 7, 2008

عن العالم العربى

ربع العالم العربي تقريبا، تشتعل فيه النيران من حرب أهلية في السودان وأخرى في العراق وثالثة في الصومال، إلى حروب أهلية وشيكة الحدوث في لبنان وفلسطين، وأخرى مزمنة في الجزائر مازالت تشتعل تحت الرماد. ربع آخر من العالم العربي يتأهب للدخول في عداد الدول الفاشلة، ولم يبق سوى مجموعة دول، تعد على أصابع اليد الواحدة، ما زالت متماسكة (وربنا يستر!). رغم انه من الواضح للعيان أن البيت سينهار على من فيه، إلا أننا ما زلنا نهرب من واقعنا الحاضر باستدعاء شعارات تطمئننا بأننا سليلو حضارات عظيمة، وأن كل مصائبنا تأتي من الغرب، ومن أميركا على وجه التحديد. فلنتفق على أن سياسات أميركا ظالمة، وربما طائشة، الأمر الذي أكده تقرير بيكر ـ هاملتون . ولكن هل اخترعتنا أميركا، نحن أحفاد الحضارات العظيمة المتناحرين بين بعضهم حتى الموت؟

تقرير بيكر ـ هاملتون الذي شغل البلاد والعباد، جهد أميركي خالص ونقد ذاتي داخلي يهدف إلى لملمة جراح الأمة الأميركية المنقسمة حول حرب العراق. لن أدخل هنا في تقييم التقرير الذي يستحق مقالا خاصا، لكن ما يهمني في هذا السياق، هو متى سنقدم نقدا ذاتيا لأحوالنا؟ لدينا الكثير من المواضيع الخلافية التي لا تهدد بانقسامنا فحسب، بل بفنائنا كأمة، ومع ذلك نواجهها بدل الدراسة المتأنية التي تهدف إلى إيجاد مخرج وحل، بخطب حماسية (في لبنان وغيره) في كل منبر تظن أنها ستغطي عين الشمس بغربال!

في مواجهة أخطار تهدد بفنائنا، يتغنى أبناء هذه المنطقة بكونهم أحفاد الفراعنة، وأحفاد البابليين ، ويفخرون بأنهم أحفاد الفينيقيين والكنعانيين. يحار المرء فعلا بين ما يرى وما يسمع، بين الخيال والواقع، بين ماضي الافتخار وواقع الاحتقار. إذا كنا بالفعل أبناء هذه الحضارات، فمن أين أتى العراقيون الذين يفجرون الدور والمساجد على رؤوس أهلها، ويحرقون مدارس الاطفال في كافة أنحاء العراق؟ ومن أين أتى اللبنانيون الذين يخون بعضهم الآخر على شاشات التلفزة وفي الساحات والدارات، والمنابر العامة والخاصة، والذين خاضوا حربا أهلية مرة ولا يبدو أنهم يتورعون عن خوضها ثانية؟ يحذر كل زعيم فيهم من فتنة طائفية، وما هم إلا زعماء طوائف، الفتنة في لبنان قائمة وليست نائمة، ربما كان وجود لبنان مرهونا أصلا بالفتنة (الطائقية وغيرها). ومن أين أتى هؤلاء الفلسطينيون الذين يقف كل منهم على سلاحه بانتظار الانقضاض على الآخر؟ ومن أين أتى الجنجويد وصناع الموت في السودان؟ ومن أين أتت الجماعات الإسلامية المسلحة التي كانت تذبح الأطفال في بلد المليون شهيد؟ بالتأكيد لم يأت هؤلاء جميعا من الفضاء.

سلّمنا مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش بأن «الشر كله يأتي من أميركا»، في قصيدة صفق لها الكثيرون، ونسينا أن «دود الخل منو فيه». نعم، أميركا هي التي أتت بالجند والسلاح إلى العراق، وهي التي تعبث أياديها في الشأن الفلسطيني واللبناني. ولكن هل أميركا هي التي أتت أيضا بالبشر الذين يأكل بعضهم البعض في العراق ولبنان وفلسطين والسودان والجزائر والصومال؟ ذات البشر الذين ما زالوا يتغنون بأجدادهم المؤسسين للحضارات العريقة، هم لا أحد سواهم، الذين يتحفوننا اليوم بأبشع صور التناحر الهمجي بين أبناء الوطن الواحد، وننام ونصحو معهم على شبح حروب داخلية ستشعل المنطقة بأكملها.

في العراق، أميركا أخرجت المارد من قمقمه، لكنها لم تخترعه، المارد كان قابعا هناك ينتظر لحظة الانفلات. العراقيون كلما واجهتهم بالطائفية الدفينة التي تخيم على سمائهم كغيمة سوداء تمطر موتا، قالوا إن عراق بلاد الرافدين لم يعرف الطائفية الا بعد دخول الأميركيين. هل حقا ان العراقيين لم يسمعوا بالطائفية قبل الغزو الأميركي، وأنهم كانوا متصالحين مع تاريخهم، ومتجاوزين للمحن الدموية التي مروا بها؟ هل حقا ان إعلان الولاية في غدير خم ومشاورات السقيفة، الحدثين المفصليين في صدر الإسلام، قد أشبعا حوارا وفهما مشتركا بين طائفتي العراق الكبريين، وتم تجاوز ظلهما الثقيل، ليس على العراق فحسب، بل على المنطقة بأكملها؟ هل حقا ان الشيعة في العراق، والمنطقة عموما، ليست لديهم رغبة في تغيير مسار الدول والأيام باتجاه ما يرونه حقا لهم قد اغتصب؟ ألم يقل الخميني يوم انتصار ثورته: «عدت لأصحح التاريخ»؟

إن أصل المشكلة في العراق يكمن في الماضي. وهذه النزاعات التي اتخذت هيئة إشكاليات معقدة لم تحل، ظلت تنمو كفطريات وطفيليات تحت صخرة ديكتاتورية ألقى بها النظام السابق على صدر العراق، وعندما أزيحت هذه الصخرة انتشرت رائحة العفونة والرطوبة، وطفت على السطح ضغائن المذاهب التي يرى كل منها أنه يمتلك الحق والحقيقة. وهناك صخور كثيرة في المنطقة، إن تحركت ربما شممنا نفس العطن، وأطلت من تحتها رؤوس ذات الأفاعي.

الديكتاتوريات والأفكار الشمولية الكبرى تلون المجتمعات بلون قاتم أوحد، تخفي الاختلاف ولكنها لا تلغيه. وكلنا يعرف ما ظهر بعد انهيار الشيوعية من تناحر إثني في الدول التي كانت تنضوي تحت هذه الايديولوجية الكبيرة. أراد صدام حسين أن يغير الطبيعة السكانية ـ الجغراقية للعراق، بإجباره عراقيين عربا شيعة على العيش في الشمال الكردي، وبالمقابل تهجير بعض الشماليين إلى الجنوب المختلف عرقيا ومذهبيا. محاولة ساذجة لطاغية ساذج لإخفاء الاختلاف. وكان أول ما طالب به المهجرون من كلا الاتجاهين، بعد سقوط نظام صدام، العودة إلى أماكنهم الأصلية. لم يقف أحد في وجه صدام، لأن الديكتاتوريات أيضا تعلم مواطنيها الكذب ولي الحقائق والهروب من الواقع حتى لا يجدوا أنفسهم في مواجهة السلطة. العقل الديكتاتوري عقل ملفق وكاذب، وفضائياتنا نتاج مباشر لهذا العقل الكاذب. الحقيقة هي أن الأميركيين لم يختلقوا الدراما المعقدة التي تشكل البركان الكامن في ماضي العراق ومستقبله، ولم يختلقوا كذلك الضغائن والأحقاد والرغبة في إلغاء الآخر المختلف في بلادنا. هم فقط أزاحوا الصخرة، لم يتوقعوا حجم العفونة التي تنتظرهم تحتها، وهنا يكمن خطأهم الذي لا يغتفر. تغيظ المرء في لبنان مقولات مثل: «لبنان بلد صغير يتعايش فيه أكبر عدد من الطوائف»، أو: «لبنان بلد ديمقراطي». إذا كان الأمر كذلك (يا جماعة)، فلماذا لم نركم متعايشين منذ ما يسمى بالاستقلال؟ ولماذا تحتاجون في كل مرة لجولات دبلوماسية وشخصية وأمنية، وسفارات، ووصايات، ومؤتمرات مصغرة وموسعة، واتفاقات منفردة وثنائية وجماعية، وجيوش تدخل وجيوش تخرج؟ ولماذا ما دمتم رمز التعايش، لديكم بيروتان بدلا من بيروت واحدة، وتقطن الجبل الطائفة الفلانية، وتسكن الضاحية الطائفة العلانية، وكل في فلك يسبحون؟

الذين يبحثون اليوم عن مستقبل لبنان، معتصمون أمام السراي الحكومي، لإسقاط الحكومة، لهم كامل الحق في التعبير عن عدم رضاهم. ولكن لنفترض أن هذه الجموع أسقطت حكومة السنيورة، ترى ماذا ينتظر لبنان؟ إذا أراد اللبنانيون رؤية المستقبل فلينظروا جنوبا إلى حكومة «حماس» المحاصرة دوليا، وما يعانيه الفلسطينيون من مقاطعة المجتمع الدولي لها، حتى باتت رواتب الموظفين تدفع كحسنات من قبل بعض الدول العربية. وبدورها إذا أرادت «حماس» أن تعرف ما ينتظر الفلسطينيون في القريب العاجل، إذا ما أصرت على ابتعادها عن الممكن والمعقول، والنحو اتجاه التخوين وحشد الغضب والحقد بين أبناء الشعب الفلسطيني، فما عليها إلا أن تيمم وجهها شطر العراق، فهناك يكمن المستقبل.

المستقبل لا يأتي من الهواء. مستقبل المنطقة مرتبط بماضيها، وما لم تحل عقد الماضي، فإن حبل المستقبل لن يستقيم. مستقبلنا يأتي منا. البشر أيضا لا يأتون من الهواء، ولا على دبابات أميركية، فأبناء هذه المنطقة المتناحرون حتى الموت، هم منا.. ابن لادن والظواهري والزرقاوي منا. صدام حسين ومقتدى الصدر وحارث الضاري منا. المالكي وطالباني والحكيم وعلاوي منا. سعد الحريري وحسن نصر الله وميشيل عون والسنيورة منا. بيير الجميل وجبران تويني وسمير قصير منا. الترابي والغنوشي وبلحاج منا. اسماعيل هنية ومحمود عباس وخالد مشعل ومحمد دحلان منا. هؤلاء البشر منا. وهذا الماضي الذي يمسك بعنق الحاضر، منا. الأميركان قد تأتي منهم شرور كثيرة، لكن ليست تلك التي تنبع منا. الأميركان لم يخترعونا، هم فقط نزعوا عنا سدادة القمقم، وقمنا نحن أبناء هذه الحضارات القديمة والعظيمة بكل هذا القتل وكل هذا الدمار

Wednesday, March 5, 2008

بقايا ونفايات الحرب الباردة



مشهد المسلمين في كوسوفو وهم يرفعون العلم الأميركي مقابل مشهد المسيحيين الصرب وهم يحرقون العلم الأميركي، يوم أعلنت الولايات المتحدة دعمها لاستقلال كوسوفو، هو مشهد مثير للدهشة. الصرب المسيحيون لم يحرقوا العلم وحسب، بل حاولوا حرق السفارة الأميركية أيضا. وفي المقابل، كان الألبان المسلمون يطوفون الشوارع رافعين راية الأميركان (الكفار).

هذا المشهد لا يروق لمن يريدون تبسيط السياسة الدولية ويختصرونها بعداء أميركا المطلق للمسلمين في كل زمان ومكان، وبنظرية الصدام المحتم بين المسلمين كافة والمسيحيين عامة. الحقيقة هي أن السياسة الدولية تحكمها مصالح دول وسياسات عليا، قد يكون الدين عنصرا فاعلا فيها ولكنه ليس العنصر الوحيد. الدين في السياسة الدولية قد يستخدم كوسيلة دعاية، ولكن قلما أن يكون من المحركات الرئيسية للسياسة الدولية. دارسو العلاقات الدولية يعرفون أنه خلف الشعارات الدينية تقبع مصالح دنيوية ليست غالبا مثالية كما يدعي أصحابها. ففي حرب البلقان في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وقفت أوروبا وأميركا ضد الصرب في أزمة البوسنة، قاتل الأوروبيون والأميركيون وقتها نيابة عن المسلمين.

ويكون من السذاجة أيضا أن نتصور بأن مجتمعا أغلبه مسيحي، كما الولايات المتحدة وأوروبا، سيقف «لوجه الله» مع المسلمين. الحقيقة أن أميركا كدولة مع حلفائها من الدول الأوروبية استخدمت قضية البوسنة خاصة، وأوروبا الشرقية بوجه عام، لتصفية ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي ونفوذه في القارة القديمة. موقف الولايات المتحدة وأوروبا من مسلمي البلقان اليوم هو أشبه بموقفهما البارحة مع المجاهدين الأفغان في حربهم مع الخصم ذاته في آسيا وهو الاتحاد السوفيتي.. معهم اليوم وقد ينقلبون عليهم غدا أو لا ينقلبون وفق مصالح الأميركان لا مصالح الألبان. هناك البعض ممن يمحون هذه التفاصيل من التاريخ من أجل تقديم صورة عالم يتصارع فيه المسلمون والمسيحيون. قد يكون الشرق الأوسط في إحدى صور صراعاته العديدة هو هذا العالم، ولكن ليس بالضرورة ما ينسحب على الشرق الأوسط ينسحب على بقاع الأرض كلها. وقد يتوارد إلى ذهن البعض أن الحروب الصليبية، أو حتى الفتوحات الإسلامية، هي أوضح صور الصراع الديني. صحيح، ولكن يجب ألا يغفل عن أذهاننا بأن أحد الفوارق المهمة بين الحروب الصليبية والفتوحات الإسلامية وبين حروب اليوم، هو أن عالم الدول في هذا الزمن يختلف عن عالم التكوينات العملاقة (الإمبراطوريات) التي جرت في زمنها هذه الحروب، وأن معاهدة ويستفاليا عام 1648 التي أنهت الحروب الدينية بين الإمبراطوريات الكبرى، الإمبراطورية الرومانية والفرنسية وحلفائهما، كانت الحدث الفارق بين ظهور الدولة الحديثة والإمبراطوريات القديمة، ولكل خصائصه. العلاقات الدولية، كما نعرفها اليوم، هي عالم ما بعد ويستفاليا وليس قبلها.

إذن في ضوء ما سبق، هل بالإمكان أن نتوقع في المدى المنظور مشهدا مماثلا في الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، أي أن نرى الفلسطينيين يرفعون العلم الأميركي بينما الإسرائيليون يحرقونه؟ هذا المشهد ليس من المتوقع أن يحدث قريبا بالطبع. لكن فكرة أنه لن يحدث أبدا، ولا يمكن أن يحدث في أي زمان أو مكان، بالطريقة التي يتحدث بها البعض، هو نوع من التشاؤم المفرط وتغليب عالم المشاعر والعواطف على عالم المصالح والمنطق الحاكم لعلاقات الدول. قد تأتي لحظة تتناقض فيها المصالح الأميركية والإسرائيلية بما يخدم مصلحة الفلسطينيين، وهذا وارد جدا في العلاقات الدولية. والحقيقة أن أحد أسباب غياب أي تناقض بين المصالح الأميركية والإسرائيلية هو إصرار العرب لزمن طويل على الابتعاد عن الولايات المتحدة بافتراض أنها عدو مطلق ومستمر وثابت، بغض النظر عن إصرار إسرائيل في الوقت نفسه على التقرب من الدولة الكبرى.

المنطقي أن تكون مصالح الولايات المتحدة مع الدول العربية مجتمعة، بما فيها من موارد طبيعية وبشرية وطاقة نفطية وغاز، أكبر مئات المرات من مصالحها مع دولة صغيرة بحجم إسرائيل قليلة السكان والموارد والمنافذ. ولكن إسرائيل، التي تعلن، على عكس العرب، بأنها حليفة وصديقة للولايات المتحدة تجعل الأميركيين، حكومة وشعبا، مقتنعين تماما بأن إسرائيل هي حليفهم الوحيد في المنطقة، وأن مصلحة إسرائيل هي مصلحتهم وبالتالي أي خطر يتهددها هو خطر على أميركا.

حديث العرب عن أميركا بمعظمه هو حديث كراهية. وقد تكون مصر هي المثال الأوضح هنا. في مصر حملة كراهية لأميركا تقودها قطاعات كبيرة في المجتمع المصري، ولو قرأنا المشهد المصري بحيادية في هذه الحالة الخاصة أي (العلاقة الأميركية ـ المصرية على المستويين الحكومي والشعبي) لبدا الأمر عجيبا. بداية، ليست هناك حدود تستوجب صراعا كما ليست هناك معارك سابقة بين مصر وأميركا. ومصر هي ثاني أكبر متلق للمعونة الأميركية. ومصر تجري مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة بشكل دوري. وفي العاصمة المصرية القاهرة توجد أكبر سفارة للولايات المتحدة في الشرق بعد العراق، مما يعكس كبر حجم المصالح بين الدولتين. فإذا كانت كل هذه المؤشرات الإيجابية وكل هذا التعاون بين البلدين، فمن أين أتت الكراهية؟ الرد الجاهز هو أن المصريين بتعاطفهم مع العراقيين والفلسطينيين كرهوا الأميركيين (في السكة)!

وطبعا عداء دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة يرضي الغرور، على مبدأ «إذا سرقت اسرق جملا، وإن عشقت اعشق قمرا»، وإن عاديت عادي الأميركان. فالبعض يريد عدوا عظيما يليق به! فلا يمكن أن يعادي نيكاراغوا مثلا، أو خصوم الداخل الصغار، اللعب مع الصغار يقلل من الهيبة. فالبعض «يحب العالي ولو على خازوق»، كما يقول المثل. وما ينسحب على مصر ينسحب على كثير من الدول العربية. نحن نريد أن نلعن أميركا كل يوم، وعلى أميركا أن تتحالف مع مصالحنا وهي صاغرة.

علاقة الولايات المتحدة بالعراق في ثمانينات القرن الماضي، كانت توحي بأن أميركا ستكون في صف العراق إذا ما دخل في أية خصومة. وهذا كان موقف الولايات المتحدة فعلا في الحرب العراقية ـ الإيرانية التي امتدت لثماني سنوات. وكانت علاقة أميركا بالعراق أقوى بكثير من علاقتها بالكويت، فالعراق دولة أكبر وأغنى من الكويت، ولكن عندما تجاوز صدام حسين الخطوط الحمراء للمصالح الأميركية في المنطقة بغزوه الكويت في أغسطس 1990، تغيرت الحسابات الأميركية تماما لدرجة توجيه ضربة عسكرية أميركية قوية ضد حليف الأمس، ضربة أخرجته من أرض الكويت، ثم بعد ثلاثة عشر عاما ضربة أخرى أخرجته من الدنيا بأكملها.

لو كانت الولايات المتحدة تتعاطى مع الدول الأخرى باعتبارها حليفة دائمة أو عدوة دائمة، لكانت أيدت غزو صدام للكويت باعتباره حليفها السابق. وخصوصا أنه لم يكن يوجد «لوبي» كويتي قوي يضغط على الحكومة الأميركية وقتئذ. إلا أن الأميركان وقفوا مع الكويت ضد عراق صدام، ورأينا مشهدا شبيها بما نراه في كوسوفو وصربيا اليوم.. الكويتيون رفعوا العلم الأميركي بينما كان العراقيون يحرقونه.

قد تبدو حروب أميركا في العراق وأفغانستان والبلقان غير مفهومة حيث لا يوجد بينها رابط مفهوم، لكن الناظر إلى الأمور ضمن منظور استراتيجي يرى أن حروب وتحالفات الولايات المتحدة في هذه الفترة الانتقالية للنظام الدولي من الثنائية القطبية إلى نظام أحادي القطبية، هي حروب بقصد لملمة وتنظيف بقايا ونفايات الحرب الباردة.. حسابات لا يدخل، بكل تأكيد، الدين فيها


Saturday, February 23, 2008

دى أخرتها

واحد كان مسرع مره على طريق سريع ومعاه زوجته ، فجأه شاف في المرايه شرطي بيشاور له ، وقف الرجال سيارته

وجاء الشرطي

فسأله الرجل : ايش المشكله؟

الشرطي : انت كنت مسرع فوق الـ180 كيلو في الساعة وهذا الطريق سرعته القصوى 60 كيلو في الساعة ، عشان كذا أنا حديك مخالفه

الرجل: لامعليش أنا كنت متعدي ال60 بشويه .

الزوجة : انت كنت ماشي على الأقل 160

الزوج نظر لزوجته نظره حقد

الشرطي: اعطيك مخالفه كمان عشان الضوء الخلفي مكسور

الرجل: مكسور؟؟ أنا ما كنت اعرف انه مكسور

الزوجه : ايوه انت كنت عارف عن اللمبه انها مكسوره من كم اسبوع ،

واعطاها الزوج نظرة حقد ثانيه

الشرطي: واعطيك ورقه انذار عن عدم ربط حزام الامان

الرجل: ايش أنا فكيته لما وقفت السيارة وجيت عندنا

الزوجه: لالالا انت عمرك ما ربطت حزام الامان

التفت الزوج الى زوجته وصـرخ عليها : انتي متعرفي تسكتي ابدا ؟

سأل الشرطي الزوجه : لو سمحتي ..... هو دايما يصرخ عليك كذا ؟

قالت الزوجه: لا بس لما يكون سكران

قال الشرطي : سكران !!!!!

الرجل : لالالا تصدقها

قالت السيدة : لا تسمع كلامه , أحنا لاقينا قارورة الويسكي في السيارة لما سرقناها

قال الشرطي: يعني السيارة مسروقه


قال الرجل : لا تسمع لها ، ويلتفت الى الزوجة ويقول لها ....لا تخليني اطلقك

قال الشرطي : هل هو دايما يهددك بالطلاق

قالت السيدة : خليه الاول يتجوزني وبعدين يحلف بالطلاق

«وتلك الأيام نداولها بين الناس»

المداولة هنا وبناء الدول مرتبط بالزمان لا بالمكان، فسيطرة الدولة على الزمان فيها عبقرية الحكم، أما السيطرة المكانية وحدها ففيها أسباب الحكم لا رقيه أو اتساع مجاله. العبقرية تكمن في تحريك المكان لا سكونه، تحريك يجعل للمكان امتدادا في الزمان، فالناظر إلى الدولة الأميركية الآن يلاحظ أنها دولة مثل كل الدول، لها حكومة وشعب وأراض ذات حدود دولية معترف بها، إذن هي في جوهر العلاقات الدولية وقوانينها لا تختلف عن دولة مثل زامبيا أو موزمبيق، هذا إذا ما اعتمدنا المكان كمقياس للقدرة.

أما إذا ما نظرنا إلى عنصر الزمان، فلن يجادل أحد مهما كانت توجهاته الفكرية، حول أننا في الزمن الأميركي. البعض يسمي هذا الزمن بالامبراطورية الأميركية، والبعض الآخر يسميه بالحقبة الأميركية، وهناك آخرون يقولون بالقرن الأميركي.. الخ، ويبقى أن كل المصطلحات التي تصف التمدد الأميركي هي مصطلحات زمانية وليست مصطلحات مكانية. أي الزمان دول، بمعنى التبدل، ولكنه يعني أيضا الدولة الزمانية القادرة على اختراق حدود المكان والتمدد في الزمان. لذلك عندما تحدثت مع صديقي في الرايستاج عن فلسفة الزمان والمكان، وعن عاداتنا في الصعيد التي تقسم الزمان لتغير ملامح المكان، كنت أود أن أعيده إلى حالة هو يعرفها.

كنت أحاول في اتجاه مغاير، وأذكره بأن حركته في المكان هي في حقيقتها جزء من تغيير الزمان، هي بوصلة في بناء الزمان الأميركي. كما ذكرته بأننا كمسلمين لا نعرف كلمة الفضاء، فالفضاء لدينا دائما ممتلئ، هو مكان يكون الله فيه إلى عبده أقرب من حبل الوريد، وكذلك يكون الله في كل شيء، فالكون دائما في حالة وجود، لا حالة عدم وفراغ.

المكان الإسلامي مكان حركة، يكون فيه السكون من أجل انطلاق. الثبات فيه ليس هدفا، «فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض». هذا يعيدنا إلى علاقة المقدس بالدنيوي. المكان المقدس هو تجمع من أجل انطلاق.. (الانتشار في الأرض). والانتشار هنا هو بناء لحركة المكان وتغيير لملامح الزمان. ولولا الانتشار في الأرض والحركة ما كانت هناك مكانة للمكان، فالمكانة تأتي من عنصر الزمان لا من المكان. المكانة هي سيطرة المكان على زمانه، ومن هناك تكون مكانة الدولة. مكانة الدول تتدرج حسب قدرتها على السيطرة على الزمان، فأميركا الآن دولة ذات مكانة أكبر من مكانة بريطانيا أو فرنسا، وذلك لأنها أكثر امتلاكا للزمان. فالزمان الفرنسي قد ولى، والزمان الامبراطوري الإنجليزي قد ولى أيضا، زمان الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس.. وغروب الشمس وشروقها هما فعلان زمانيان وليسا مكانيين، الشمس والقمر علامات لتحديد الزمان، ولذلك هناك التاريخ الشمسي والتاريخ القمري اللذين أشرت إليهما سابقا.

الآن نحن في زمان أميركي، وكنا من قبل في زمان بريطاني، وكنا أيضا في زمان هيليني يوناني، وكذلك كنا في زمان مصري فرعوني. ومن هنا فإن القول بأن عبقرية مصر هي عبقرية مكان هو قول ناقص، فعبقرية المكان لا تفسر لنا غياب المكان. إذ كيف نفسر أن نفس المكان الذي أعطى رمسيس الثاني تمددا امبراطوريا، وكذلك أحمس وحتشبسوت، هو ذات المكان الذي شهد عصور الانحطاط والاضمحلال في عهود تاريخية مختلفة؟ المكان وحده لا يفسر الكثير عن المكانة، المكانة هي عامل زماني لا مكاني، رغم أنها مشتقة لغويا من المكان. لكن المكان المتحرك هو الذي يفعل في الزمان فيضفي على المكان مكانة، ففي الحركة طيب وإشراق.. وفي ذلك يقول الإمام الشافعي

إني رأيت وقوف الماء يفسده/ إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب.

وما ينسحب على الماء ينسحب على الدول، شريطة ألا يدخل العنصر الأساسي الذي يغير المكان إلى مكانة بالتفاعل مع الزمان. هذا الفاعل

هو العنصر البشري (الإنسان)، إذن المعادلة هي: زمان ومكان وإنسان. يبقى المكان جامدا واستاتيكيا (غير متحرك)، إذا لم يعافر فيه الإنسان وينقله بحركته من مكان إلى مكانة، يسود فيه زمانه على زمان غيره.

المشكلة في الحالة المصرية مثلا، أن المصريين بدأوا في ترديد مقولات معلبة كان المكان في معظمها هو العنصر الحاكم. فدونما نقد كرر الكثير منهم، حتى النابهون، مقولة أن مصر هبة النيل، وهي مقولة في الحقيقة تلغي إسهام الإنسان المصري، وتضعه في دور المتلقي لهذه الهبة من الطبيعة، رغم أن الأساس في هذه الهبة هو الطريقة التي تفاعل بها هذا الإنسان مع النيل وطور زراعته وطوع فيضانه.. إذن، مصر هبة أهلها وليست هبة النيل. لكن هيرودوت الذي أحب مصر ـ المكان ولم يحب مصر ـ الإنسان، قرر أن هذا الإنسان عديم الفائدة، وبذلك يكون كل ما هو مصري نتيجة لهذا النيل وليس لهذا الإنسان. وهذا سلوك نراه في كثير من الكتابات الغربية عن مصر، المكان فيها هو الأساس أما الإنسان فليس مهما. وإن قرر بعض المثقفين الغربيين أن يعترفوا بالإنسان المصري، فإنهم يفعلون، كما جون ونزبري الذي كتب عن مصر ناصر ومصر السادات، أي رغم نباهة الرجل إلا أنه اختصر المصريين في شخص ناصر أو السادات، وفي هذا اختزال مجحف بين.

لم تكن مقولة مصر هي هبة النيل، المقولة الوحيدة التي تركز على المكان، فهناك مقولة عبقرية المكان، أي الجغرافيا، وهي مقولة مختزلة أيضا، بل بدائية في أحسن أحوالها.. فجغرافيا المكان مهمة، لكن جغرافيا الزمان أهم بما لا يقارن.

فجغرافيا الزمان هي التي توجد المكانة المصرية، وكذلك تجعل من مصر عبقرية تفاعل زماني ومكاني، ولذلك رأينا عصورا عبقرية في مصر عندما تفاعل المكان والزمان بواسطة الإنسان بشكل جيد، ورأينا عصور انحطاط عندما ارتكزنا على عنصر المكان فقط وهمشنا الزمان والإنسان. أعتقد بأن ترديد هذه المقولات، التي تبدو في ظاهرها وطنية، هو خسران مبين، إذ لا بد من التركيز على النباهة التي توصل الزمان الروحي ـ بالزمان العولمي ـ بالمكان المصري.

فالمكان، حتى في المفهوم الإسلامي، هو مكان مرتبط بصفات محددة، والناظر إلى وصف القرآن الكريم لمكة مثلا، يرى فيه نظرية الأمن القومي للدولة الحديثة.. «ومن دخله كان آمنا»، فقيمة البيت ليست في جدرانه وإنما في أمنه وأمانه، أي في الأبعاد الأخرى للمكان، إذ لا بد أن تتوفر في المكان شروط أخرى ليكتسب أهمية ما، ولنأخذ مثلا على ذلك قوله تعالى: «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».. وهنا ترتبط العبادة بشرطين، أولهما أن يجد الناس ما يكفيهم من طعام، وثانيهما إحساسهم بالأمان وعدم الخوف. وفي رأيي أن العظمة الإلهية في تلك العلاقة التكاملية، فهي مدركة أن المكان يوفر لساكنيه الأمن الغذائي (أطعمهم من جوع)، ويوفر لهم الأمن النفسي أيضا (وآمنهم من خوف)، وعند توفر الشرطين تكون العبادة ممكنة. هذه العلاقة هي العلاقة المفترضة أيضا بين الحاكم والمحكوم، فعلى الدولة أن تضمن لمواطنيها الأمن الغذائي والنفسي.. ولكن لن يتوفر هذا إلا بعلاقة المكان بالزمان والإنسان، علاقة يجب أن يوسع الحوار حولها في إطار أكثر نقدا وأكثر شمولا، حتى لا نبقى في المكان ونخرج من الزمان.. ولذلك تفصيل وبيان في سياق آخر.