Monday, October 8, 2007

هل الإنسان يتصرف بشكل لا إرادي طوال الوقت



ماذا يحدث داخل المخ؟

لقد كشف أحد العلماء أن ما يحدث داخل المخ أكثر بكثير مما نعرفه، إن مخك يعمل على أساس الحاجة إلى المعرفة ولكنك في معظم الوقت لست في حاجة إلى المعرفة، هذا ما قاله البروفيسور كريس فريس عالم النفس بجامعة لندن وهو يلخص العلاقة بين المخ والعقل. ويتابع إن معظم العمل الذي يقوم به مخك يؤديه بشكل لا واعي، وفي حقيقة الأمر فإن عالمك كله و وعيك وواقعك هو وهم يخلقه مخك، حيث يبني كل شخص بمخه تلك الخيالات بشكل مختلف عن الآخر، وقد فحص البروفيسور كريس فريس مع مجموعة أخرى من خبراء المخ المشهورين في بريطانيا موضوع الوعي والعالم العقلي الذي نعيش فيه، وذلك خلال احتفالية هذا العام للجمعية البريطانية للتقدم العلمي في يورك، وكانت نقطة البداية عندهم هي أن عقولنا تستقبل وتتعامل باستمرار مع المعلومات من العالم المحيط بنا حيث تراقب وتفحص وتقيم، ولكن أغلب المعلومات لا تصل إلينا من خلال المائة تريليون أو ما يقارب ذلك من الخلايا المخية. فبدلا من ذلك يأخذ المخ تلك البيانات الخام ويخلق منها نموذج من العالم وهو العالم العقلي الذي يعيش فيه كل منا.
ومن خلال استخدام آلة مسح المخ والتي تقدم لنا نافذة نطل من خلالها على المخ, موضحة المناطق المستخدمة في المخ, فقد قام العلماء بإلقاء النظر على أجزاء من مخنا التي تنتج الذات الواعية. وإن الباحثين يستخدمون تلك المعرفة لتحقيق فهم عميق لما يحدث عندما نفقد الوعي- إذا حدثت لنا غيبوبة على سبيل المثال, أو كنا تحت التخدير – ولمساعدة مرضى الإضطرابات العقلية والانحرافات النفسية مثل مرضى انفصام الشخصية.
لذلك فإذا كان جزء صغير فقط من نشاط مخنا هو الذي يستخدم لتكوين شخصيتنا وعوالمنا, فماذا يفعل باقي المخ ؟ ولماذا لا نستخدمه؟ والإجابة كما ذكرها البروفيسور "كريس فريس" ... تتلخص في أنه إذا استخدمنا كل تلك المعلومات فسوف يؤدي ذلك إلى انصهار الوعي لدينا حيث أنه لن يكون في مقدورنا التعامل معها، ويقول البروفيسور ... " يمكننا بشكل لا واعي أن نجمع المعلومات معا من مصادر عدة مختلفة دون التفكير فيها مطلقا، وعندما نبدأ في التفكير فيما نفعله من أشياء, مثلا عندما نبدأ في التفكير في كيفية حركة أي جزء في أجسامنا، أو كيف أنك تفهم معنى تلك الحروف الموجودة على الصفحة أمامك فإن هذا يجعلك تصبح مرتبكا قليلا ويتوقف مخك عن العمل أيضا.

ماذا يحدث داخل رؤوسنا؟

يقول البروفيسور "كريس" إن قدرة المخ على العمل بنفسه دون أية تدخل واعي من جانبك, ربما يكون عمل جيد يساعدنا على الحياة. فمثلا, إذا رأيت ثعبانا في طريقك فإنك تقفز في الحال بعيدا عن الطريق قبل أن تأخذ وقتا في التفكير الواعي. فإذا قضيت وقتا في التفكير فيه فإنه خلال الوقت الذي تقضيه في تقييم تصرفاتك ربما تتعرض للدغ الثعبان . لذلك كيف استنتج العلماء أن معظم نشاط مخنا هو غير واعي ؟
وماذا يحدث بالفعل داخل رؤوسنا؟
يجيب البروفيسور "كريس فريس" على السؤال بقوله ... "إن حقيقة أنه يمكننا أن نقوم بأكثر من مهارة في ذات الوقت – فمثلا قيادة السيارة بينما تفكر في شيء مختلف تماما مثل ماذا ستشتري لوجبتك الغذائية – توضح أن هناك مستويات واعية عدة في مخنا. وإن التجارب الحديثة المستخدمة لتقنية فحص المخ التي تحدد بدقة مناطق المخ النشطة قد أكدت ذلك."
ويواصل حديثه قائلاً ... " وفي أحد تجاربي جعلت مجموعة من الناس يشاهدون نموذج على شاشة الكمبيوتر أثناء فحص أدمغتهم , وأثناء ذلك عرضت للحظة صورة لوجه يبدو مفزوعا . وسألناهم هل شاهدوا الوجه ولأنه ظهر على الشاشة لمدة زمنية تبلغ 100 من الثانية فقد قالوا لا. ومع ذلك فإن نتائجنا أظهرت أن أدمغتهم قد رأت الوجه. حيث اكتشفنا أن المنطقة المتعلقة بشعور الخوف, قد نشطت فجأة."


المخ ذو النصفين

... يقول البروفيسور "كريس فريس"... "إن هذه التجربة تؤكد أن أدمغتنا تختزن الكثير من المعلومات أكثر مما ندرك ولكننا نرى فقط جزءا صغيرا منها. لذلك فهل مخنا من الناحية التشريحية يحتوي على أجزاء واعية وأخرى غير واعية؟ تقريبا نعم. إن خلفية المخ تتعامل مع الإدراك بينما تتعامل واجهة المخ مع الفعل."
ومن خلال تجارب مسح المخ, يعتقد العلماء أن وعينا يتم خلقه من خلال التفاعل بين نصفي المخ الأمامي والخلفي. إن النصف الأمامي يحتوي على ذكرياتنا ونوايانا ويبدو أنه المنطقة المسئولة عن تكوين شخصياتنا. أما النصف الخلفي من المخ فهو مسئول عن مراقبة البيئة المحيطة ويستقي باستمرار المعلومات المتعلقة بالأشياء المحيطة. ومع ذلك فإنه بسبب حجم البيانات التي يمتصها, فإنه يسبب الارتباك عندما يخبر الجزء الواعي بها, وهو الجزء الأمامي من مخنا, خاصة إذا كان هناك شيء غير عادي يستحق الاهتمام"
وقد درس الدكتور "بيتر نيتش" ما يحدث في المخ عندما ينحرف الوعي. حيث قام بعمل مسح لمخ أشخاص تحت التنويم المغناطيسي وقارن أدمغتهم بأدمغة مرضى يعانون من هلاوس مرض انفصام الشخصية. ويعتقد الدكتور أن الارتباطات الخاطئة بين المنطقة الأمامية والمنطقة الخلفية تسببان الهلاوس." حيث يقوم جزء المخ اللاواعي بتغذية الجزء الواعي بالمعلومات ويجعله يعتقد أنها حقيقية ولكنها في الواقع ليست كذلك ..!!"
ولقد قام دكتور "أدريان أوين" عالم الأعصاب من جامعة كمبريدج بعمل مسح لمخ مرضى في حالات خاملة بسبب إصابات مخية، حيث وجد أنه على الرغم من أن عيونهم كانت مفتوحة ويمكنهم الابتسام فلا يمكنهم التواصل, ولم يستطع بحث الدكتور "أوين" تحديد إذا ما كانوا واعين أم لا. فهو من خلال عمل مسح للمخ يحاول أن يجد طريقا لتحديد ما إذا كان الناس الذين كانوا في حالة خاملة

PVS

واعين أو لديهم أية مستويات من الوعي وهم تحت التخدير .
ولقد حطم عناوين الأخبار في العام الماضي عندما أعلن أن المريض الذي يكون في حالة خمول أن سكون لا يظهر أي نشاط واع للمخ. حيث أنه طلب من مريضة أن تتخيل أنها تلعب التنس وعندها لاحظ أن مناطق من مخها الواعي قد أصبحت نشطة.
هل المرضى الذين يقعون تحت التخدير يكون لديهم وعي؟يقول الدكتور "أوين" أن المريض الذي أجرى عليه دراسته يعد حالة استثنائية... ومن خلال عمله فإنه يعتقد أن المرضى الذين يكونون في حالة خمول أو سكون و يكون لديهم حالة من الوعي أثناء ذلك فهم نادرين. وماذا عن القرارات الخاصة بنزع خرطوم التنفس من على مرضى الغيبوبة الذين يشك في أن مخهم ميت؟ هل يمكن أن يساعد المسح في تلك الحالة؟ لا يعتقد الدكتور "أوين" ذلك ... " ففي تلك الحالات يمكن أن يرى الأطباء من صور المخ أنه مصاب بشكل خطير ولا يمكن أن يقوم بفكر واعي".
إنه يركز على المرضى الأصحاء الذين يقعون تحت التخدير وقد اكتشف أنه على الرغم من أن مخهم نشط جدا, إلا أنه الجزء اللاواعي فقط ... " فعندما نتحدث إلى الأشخاص وهم تحت التخدير فإن جزءا من المخ اللاواعي الذي يدرك الحديث يصبح نشطا. ومع ذلك فإن المنطقة التي تفهم وتتعامل مع ذلك في المنطقة الواعية تظل ساكنة. لذلك, فإن المخ يسمعنا ولكنه لا يعي ذلك."
أمامنا طريق طويل كي نسيره. هكذا يقول الدكتور "أوين" ... " فمنذ عشرين عاما لم تكن لدينا أية فكرة عن كمية نشاط المخ التي تحدث بشكل لاواعي. ونحن ندرك الآن أن كمية كبيرة تحدث دون معرفتنا ولكننا نظل لا نفهم تماما طبيعة الوعي."

أرقام من داخل المخ

...-يستقبل المخ في كل لحظة حوالي 100 مليون معلومة من خلال الآذان والعيون والأنف واللسان والمستقبلات الحسية في الجلد.-


يستهلك المخ حوالي 10 وات من الطاقة يوميا، إذا حاول العلماء بناء مخ من شرائح السليكون, فإنهم يعتقدون أن هذا سيحتاج إلى طاقة قدر تلك الطاقة مليون مرة.


-وزن المخ حوالي 1.5 كيلوجرام وقوامه يشبه نبات عيش الغراب.


-إذا فرض أنك حاولت فرد كل تلك التوصيلات العصبية الموجودة في مخك, فإنها سوف تصل إلى مسافة طولها 3.2 مليون كيلومتر.