Wednesday, October 17, 2007

تحول الازعاج الى غضب

قرر الكونغرس هذا الشهر ان الإسلام دين عظيم، ورحب المسلمون بالقرار ولا يزالون يرحبون.
من قال إن الإسلام بحاجة إلى شهادة من الكونغرس؟ أعرف اننا تراجعنا وحال بنا الحال، إلا أنني لم أقدّر مدى السقوط وعمق الهاوية التي حفرناها لأنفسنا حتى سمعت قرار الكونغرس ثم الترحيب به.
أقدّر أسباب إصدار الكونغرس قراره في رمضان، وأتمنى قيام علاقات صداقة بين المسلمين والشعب الأميركي، وأدين الإرهاب بالمطلق، ثم أقول إن الكونغرس أصدر أيضاً قراراً سمح للإدارة بشن حرب على العراق قتل فيها حتى الآن مليون مسلم، أي أكثر مما قتل هولاكو في بغداد، والآن يأتي التتار الجدد ليعطوا الإسلام شهادة.
هل يلتئم الكنيست غداً ويعطينا شهادة؟ ارفع رأسك يا أخي، عندك شهادة. ارفع رأسك فقد ولّى عهد الاستعمار، والآن مضى عهد الاستكبار.
ما كنا وصلنا إلى هذه الحال لولا الإرهاب الفالت من كل عقال الذي ابتلينا والعالم به. الإرهابيون أعداء الإسلام، وهم أقوى حجة في يد أعداء المسلمين وأمضى سلاح. مجرد قولهم انهم يدافعون عن الإسلام يعني انه في قفص الاتهام. هم وضعوه هناك، وكان عزيزاً منيعاً.
أزعجني قرار الكونغرس، من منطلق ان الإسلام لا يحتاج إلى شهادة، وتحول الإزعاج إلى غضب إزاء ردود الفعل المرحبة.
وانتظرت أياماً قبل ان أكتب خشية ان يقودني الغضب إلى ان أكتب ما أندم عليه. ومضت الأيام وبقي الغضب، فاكتفي بما سبق وأكمل بالتطرف الآخر.
الكونغرس أصدر قراره في الثاني من هذا الشهر، وهو يوم حمل أيضاً خبراً لوكالة رويترز من شيلوه، وهو موقع ديني يهودي في الضفة الغربية يقول إن سبعة آلاف من المسيحيين الصهيونيين زاروا إسرائيل في عيد سكوت (الكلمة من أكواخ وليس من الصمت)، واعتمروا أغطية الرأس اليهودية، وهتفوا لإسرائيل «هلليلويا» و «آمين».
المسيحيون الصهيونيون في أساس القاعدة الانتخابية لجورج بوش في ما يعرف باسم حزام التوراة في الولايات الجنوبية، وهم يتبعون مذهباً يقوم على أسطر في سفر الرؤيا، آخر أسفار العهد الجديد من الكتاب المقدس، الذي ينسب إلى يوحنا.
أعتمد في معلوماتي على ترجمة الآباء اليسوعيين للكتاب المقدس وشروحهم، وهكذا فعندي أن سفر الرؤيا عمره من 60 سنة، وحتى 90 سنة، بعد المسيح لأنه يتحدث عن اضطهاد المسيحيين، أي بعد نيرون، وربما بعد دوثينيانوس. وهناك خلاف على كاتبه فهو ليس يوحنا المعمدان، وليس تلميذ المسيح يوحنا، لأن سفر الرؤيا لا يشبه انجيل يوحنا، ثم ان الكاتب يصف نفسه بأنه نبي.
السفر كله من نوع الأدب الرؤيوي، ويكثر من استعمال الرموز، والأسطر التي اختارها المسيحيون الصهيونيون تتحدث عن الوحش ابن الهلاك الذي أولاه التنين سلطانه، أو ما يعرف المسلمون باسم المسيح الدجال.
كلمة السر في مذهب المسيحيين الصهيونيين هي RAPTURE، والمعنى الأصلي في القاموس هو سعادة غامرة أو شعور بالجذل أو النشوة الغامرة، إلا ان الكلمة عندهم تعني الصعود، أو الارتقاء، أو الارتفاع، فالوحش، أو النبي الكذاب، سيُضلّ الناس، ويقودهم إلى الهلاك، ولا ينجو سوى المسيحيين الصهيونيين الذين يأتي المسيح ويرفعهم إليه.
هم يقولون إن الناس جميعاً سيهلكون، باستثنائهم هم، وهذا يشمل المسيحيين أنفسهم من المذاهب المختلفة، وليس مجرد اتباع الديانات الأخرى مثل اليهود والمسلمين والبوذيين وغيرهم. لكن تحقيق حلم المسيحيين الصهيونيين صعب لأنه يشترط اجتماع اليهود كلهم في الأرض المقدسة، وهذا لن يتحقق اليوم أو غداً. وقد وجدت صعوبة في فهم الأرقام الكثيرة التي يحفل بها السفر، ويبدو ان الرقم سبعة مقدس، أو مقدم، وهناك سبعة أختام، وسبعة أبواق، وسبعة أكواب، وسبع كؤوس، ومنابر الذهب السبعة، وسبعة قرون، وسبع أعين. أما الرقم ستة، فشرير، والسفر يقول إن مجموع عدد اسم الوحش الذي أضلَّ الناس 666.
هناك مؤشر صعود على الإنترنت عدت إليه أمس، ووجدت انه يقف عند 156 نقطة، وهو رقم عالٍ إذا تجاوز 160 نقــطة يعني «شدوا الأحزمة»، أي أن النهاية وشيكة. وقرأت ان أعلى ما سجل المؤشر كان 182 نقطة في 24/9/2001، أي بعد إرهاب ذلك الشهر وتهديدات الحرب.
يكفي خرافة، وأقول إن الفارق بين المتطرفين عندنا والمتطرفين عندهم ان جماعتنا يقتلون بأنفسهم، وان جماعتهم يتركون الإدارة الأميركية وإسرائيل تقتلان نيابة عنهم.
غير ان الجهل واحد وكذلك التطرف ونحن ندفع الثمن مع الأميركيين وشعوب الأرض. وللحديث بقية.