Thursday, October 4, 2007

المصافحة.. ألوان وألوان

الإحصائيات في أوروبا وأمريكا تؤكد أن عادة السلام باليد أخذت في الانقراض، فنصف الناس يرفعون القبعة أو يلمسونها أو يحملونها دليلا على التحية..
أما السيدات فيرفعن أيديهن إلى الرجال لكي يقبلوها.. ولأن الرجال لا يرون في هذه العادة أي معنى كبير، فإن أكثرهم يستمر في هذه العادة التي تخفي نوعا من الملامسة بين الجانبين.
ولم يكن مقبولا من أي إنسان ـ ولا حتى من الإمبراطور نفسه في القرن الماضي ـ ألا يصافح أحدا من الناس، مهما كان السبب.. ولو دخل على ألف رجل يأكلون ويشربون، فإنه يحرص على مصافحتهم، ولو أدى ذلك إلى سقوط الطعام والشراب. وهذا ولا شك أهون من إحساسهم بأن الإمبراطور غاضب عليهم أو لا يحترمهم..
وكان من المألوف في ألمانيا مثلا في القرن الماضي أن تكون المصافحة باليد قوية ناشفة.. ولفترة طويلة.. وهذا يدل على المحبة والشوق.. أما إذا جاءت المصافحة رقيقة دون أن تشعر الأصابع والأكف بالقبضة والالتحام، فهذا دليل على الاستخفاف والاستهانة..
ويبدو أن الشرق قد عدل نهائيا عن المصافحة باليد.. ففي الهند مثلا نجد التحية عملية سهلة جدا.. فالإنسان يرفع يديه إلى صدره ويضمهما معا في احترام واضح.. فيشعر ملايين الناس أن هذه تحية عامة وخاصة لكل منهم.. ومن الممكن أن يفعل ذلك واحد مع عشرة وعشرين.
وفي اليابان ليس عليك إلا أن تحني رأسك وظهرك إلى الأمام.. تفعل ذلك لشخص عدة مرات.. وتفعل ذلك لمليون شخص أيضا.. في البيت.. وفي الشارع، وأحيانا على مائدة الطعام.. فإذا كنت صاحب بيت ثم شكر الناس حفاوتك وطعامك فأنت تنحني وأنت جالس بدلا من أن تنهض فجأة وتقلب «الترابيزة» على الضيوف..
وأحسن أنواع السلام والمصافحة هو ما تفعله السيدات، فتتجاور الخدود في رفق حتى لا يفسد الأحمر والأبيض.. وكل واحدة قد أدارت وجهها للناحية الأخرى حتى لا يبدو الافتعال أو التمثيل على وجهها!! وأسخف أنواع التحيات والمصافحات هي الموجودة عندنا في الوسط الفني والأوساط التي لها علاقة بالفن كالإذاعة والتلفزيون والمسارح والصحف: العناق والقبلات.. وأكثر الأحيان بين أناس يلتقون لأول مرة..
أما الشيء الذي لا يطاق فهو أن يقبل الرجال بعضهم بعضا..
إنني أنتهز هذه الفرصة لأجدد احترامي للهند.. ومحبتي لليابان!